ذكرت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية، أمس، أن الجيش البريطاني درّب نخبة من القوات الخاصة التابعة للحرس الوطني السعودي، ساهمت في قمع احتجاجات البحرين، وذلك في إطار استعداداتها لمواجهة أي موجة تحركات احتجاجية محتملة للربيع العربي. وردّاً على أسئلة طُرحت داخل البرلمان في إطار قانون حرية المعلومات، أقرّت وزارة الدفاع البريطانية بأن قوات بريطانية تجري بانتظام دورات تدريبية للحرس الوطني السعودي من أجل استخدام الأسلحة والمهارات العسكرية العامة، فضلاً عن التعامل مع الحوادث وإبطال مفعول القنابل ومذكرات البحث والنظام العام وبنادق القنص. وتنظّم هذه الدورات بعثة الجيش البريطاني لحساب الحرس السعودي الوطني، وهي وحدة غامضة مكوّنة من 11 جندياً بريطانياً تحت إمرة عميد.
وذكر ردّ وزارة الدفاع، الذي حصلت عليه الصحيفة، أن بريطانيا أرسلت أكثر من 20 فريقاً تدريبياً الى السعودية في العام، وأن المملكة دفعت كل تكاليف هذه الفرق، ومن ضمنها نفقات الدعم كالنقل والسكن. وقالت إن العائلة المالكة في البحرين استعانت بـ 1200 جندي سعودي لقمع الاحتجاجات في آذار الماضي في البحرين، في الوقت الذي أعربت فيه بريطانيا عن قلقها العميق بشأن تقارير انتهاكات حقوق الإنسان من قبل هذه القوات.
وقد أكّد وزير الدفاع البريطاني نيك هارفي، في ردّه أمام البرلمان الأسبوع الماضي، أن القوات المسلحة البريطانية دربت الحرس الوطني السعودي. وقال «من المحتمل أن يكون بعض عناصر الحرس الوطني السعودي الذين وظّفوا في البحرين قد خضعوا لتدريبات من قبل بعثة الجيش البريطاني». وقال النائب جوناثان إدورادس، الذي طرح أسئلة عن الروابط مع السعودية، إنه وجد صعوبة لفهم سبب تدريب بريطانيا لقوات «نظام قمعي غير ديموقراطي». وأضاف «هذا وجه صادم لديموقراطيتنا، للكثير من شعوب العالم، أن ندعم أنظمة من هذا النوع»، مشيراً إلى أن «هذا نفاق عالٍ لقادتنا في بريطانيا، حزب العمال أو المحافظين، أن يتحدثوا عن دعم الحريات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، بينما يدربون في الوقت نفسه قوات القمع للديكتاتوريات».
ونقلت الصحيفة عن نيكولاس غيلبي قوله إن «الدور الهام الذي أدته بريطانيا في تدريب الحرس الوطني السعودي على الأمن الداخلي على مدى سنوات مكّنه من تطوير تكتيكات ساعدته على قمع الاحتجاجات الشعبية في البحرين».
وأشارت «أوبزرفر» الى أن هذا الإقرار بأنّ التدريبات تركز على فرض النظام العام في المملكة، يحرج الحكومة البريطانية، ولا سيما بعد اجتماع قمة مجموعة الثماني في فرنسا، الذي أكد دعمه للدول التي تتحول نحو الديموقراطية وتعيش الربيع العربي، وتؤكد الاتهامات أن السياسة الخارجية للحكومة البريطانية تتناقض مع نفسها.
وقالت الصحيفة إن العائلة الحاكمة في السعودية عمدت الى تشكيل عناصر الحرس، لأنها تخشى أن لا يساعدها جيشها النظامي إذا ما اجتاحتها تظاهرات شعبية. وأشارت إلى أن بريطانيا وافقت العام الماضي على إصدار 163 رخصة لتصدير معدات عسكرية إلى السعودية قيمتها 110 ملايين جنيه استرليني، وشملت ناقلات جند مدرعة وبنادق قنص وذخيرة للأسلحة الصغيرة.
وردّت وزارة الدفاع على هذه الأسئلة بأنها تدرّب قوات الحرس الوطني السعودي من أجل تحسين قدرات «الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب» منذ 1964، وهي تستمر في فعل هذا الأمر.
من جهة ثانية، نقلت «أوبزرفر» عن النائب العمالي مايك غايبس، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية، قوله إن دعم الجيش البريطاني للسعودية يهدف الى تحقيق توازن صعب «من جهة تواجه المملكة تهديد القاعدة، ومن جهة ثانية سجلها الحقوقي رهيب. هذه هي المعضلة الثابتة التي عليك التعامل معها في الأنظمة الاستبدادية: هل تتجاهلهم أو تحاول تحسينهم؟»
ويقول المحللون إن القوات الملكية السعودية يائسة من أمر إنعاش موقعها في المنطقة عبر الحفاظ على الأنظمة القائمة في الخليج، لمواجهة القوة المتزايدة لإيران.
(الأخبار)