شهدت سياسة كل من روسيا والصين تحولاً في العلاقة مع المعارضة الليبية أخيراً، رغم وقوف الدولتين العظميين منذ بداية الأزمة الليبية إلى جانب نظام العقيد معمر القذافي. وفي أول اتصال من نوعه، أعلنت بكين أن السفير الصيني لدى قطر، تشانغ تشيليانغ، التقى زعيم المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، في العاصمة القطرية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، في بيان نشره موقع الوزارة على شبكة الإنترنت، إن الجانبين «تبادلا وجهات النظر بشأن التطورات في ليبيا». لكنه أضاف أن «موقف الصين من قضية ليبيا واضح. نأمل التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، ونرى أن مستقبل ليبيا يجب أن يحدده شعبها».
بدوره، أعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، في روما، أن روسيا سترسل «مبعوثاً خاصاً» إلى طرابلس، معقل العقيد القذافي، وبنغازي، حيث مقر المعارضة الليبية، للقيام بوساطة. وجاء ذلك أثناء اجتماع ثلاثي ضمه إلى نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني. وقال للصحافيين في روما: «نرغب قدر الإمكان في أن تحل القضية عبر المفاوضات، لا عبر الوسائل العسكرية»، مقرّاً مع ذلك بأن سبيل المفاوضات «طريق شاقة جداً».
والمفارقة أن بكين وموسكو كانتا تقيمان علاقات وثيقة مع نظام القذافي. وامتنعت الدولتان كذلك عن التصويت في الأمم المتحدة على القرار 1973 الذي سمح بشن ضربات دولية على طرابلس.
وفي موقف لافت آخر، أعلنت فرنسا أنها تعمل مع المقربين من الزعيم الليبي في محاولة لإقناعه بالتنحي عن السلطة. وفي الوقت نفسه تعمل على زيادة الضغط العسكري على قواته مع بدء الشهر الثاني من مهمة لحلف شمالي الأطلسي في ليبيا مدتها ثلاثة أشهر. وقال وزير الخارجية الفرنسية، آلان جوبيه، لراديو «أوروبا 1»: «إنه (القذافي) يزداد عزلة. انشق المزيد ممن حوله وتلقينا رسائل من الدائرة المقربة منه التي تفهم أن عليه أن يرحل».
وأضاف، متحدثاً بالهاتف خلال زيارة لإسرائيل: «سنزيد الضغط العسكري كما فعلنا منذ عدة أيام. لكن في الوقت نفسه نحن نتحدث مع كل من يستطيع إقناعه بأن يترك السلطة.. لأنه للأسف لا يفهم إلا بالقوة».
في هذا الوقت، شهد مجلس النواب الأميركي خلافات بين أعضائه بشأن التصويت على مشروعي قرارين، أحدهما يدعو الرئيس باراك أوباما إلى الانسحاب من عمليات حلف شمالي الأطلسي في ليبيا، والثاني يطلب مزيداً من المعلومات بشأن الاستراتيجية الأميركية.
والمشروعان هما رد من النواب الأميركيين في الحزبين الجمهوري والديموقراطي، الذين يشعرون باستياء لتورط الولايات المتحدة في صراع ثالث الآن بعد العراق وأفغانستان. ويقول المنتقدون إن أوباما الديموقراطي لم يشاور الكونغرس بدرجة كافية قبل الانضمام إلى العملية المتعددة الجنسيات وأعد رئيس مجلس النواب الأميركي، جون بينر، قائمة غير عادية للخيارات المتاحة بعدما أرجأ المجلس الذي يقوده الجمهوريون يوم الأربعاء الماضي، تصويتاً على مشروع القرار الذي قدمه النائب الديموقراطي دينيس كوسينيتش، لمنح النواب مزيداً من الوقت للنظر في خياراتهم تجاه الحرب في ليبيا.
إلى ذلك، أعلن المسؤول في الهلال الأحمر التونسي، معز برك الله، انتشال 123 جثة لمهاجرين فروا من ليبيا وعُدّوا في عداد المفقودين قبالة السواحل التونسية، بعد غرق مركبهم أول من أمس، وإيداع جثثهم في مشرحة صفاقس (جنوب).
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)