أطل الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، أول من أمس على شاشة التلفزيون من كوبا ليعلن أنه أخضع لعملية ثانية لاستئصال خلايا سرطانية من معدته. ومن دون تحديد موعد لهذه العملية الثانية التي جرت تقديراً قبل 10 أيام، ومن دون توضيح موعد عودته، أبلغ الرئيس الفنزويلي أنه يتابع شؤون البلد ويتشاور يومياً مع نائب الرئيس إلياس حوا (العربي الأصل).
وقرأ تشافيز بغير عادته خطاباً دام نحو 14 دقيقة، كرس الثلث الأول منه لإعطاء معلومات طبية وافية عن تسلسل الأحداث حتى إجراء العملية الأولى ثم الثانية. وقرأ تشافيز نصه من دون الخروج عنه، فيما لم تظهر يداه الموضوعة خلف ظهره خلال كل التلاوة.
والنص قطعة جدية وعاطفية في آن واحد، تستشهد بسيمون بوليفار (محرر أميركا اللاتينية) وتتحدث عن الزعيم الكوبي، فيديل كاسترو، وتتذكر مراحل سابقة وصعبة من سيرة تشافيز، ثم تعود وتلجأ إلى صور شعرية توحي بالأيام المقبلة وبالإنجازات التي ستواكبها.
احتشام الأداء الجسدي والتزام النص الحرفي جعلا شبكة «سي إن إن» تشكك في أن الزعيم البوليفاري هو الذي ألقى الخطاب. ولمّحت إلى أنه قد يكون «شبيهاً له» حل محله. هذا التفسير غير كاف. وإذا كان المشهد غريباً حقاً، فمن الممكن أيضاً أن يكون نتاج رجل متأثر كتب نصاً على شاكلته أراده مليئاً بالمعلومات الطبية والسياسية والشعرية، وأراد حشرها في وقت محدد سمح به الأطباء، فكان على هذا الشكل.
في كل الأحوال، بدا مفهوماً أن تأجيل قمة «سيلاك»، التي كانت ستجمع كل رؤساء أميركا باستثناء الولايات المتحدة وكندا، والتي كان موعدها يتطابق مع مرور مئتي عام على انتصار بوليفار واستقلال فنزويلا، أي في 5 تموز، بأن تشافيز يعاني وضعاً صحياً يمنعه حقيقة من حضورها.
وكانت مناسبة في منتهى الأهمية في جدول عمل تشافيز. إلا أن الحدث يسلط الأضواء أيضاً على هامشية المؤسسات في النظام «التشافيزي»التي لم تسلّم السلطة لنائب الرئيس كما ينص الدستور.
وإن دلت على شيء مجريات «الأزمة الصحية»، فقد دلت مرة جديدة على أن التشافيزية لا تعمل من دون تشافيز، وأصبحت الآن رهينة ليست فقط مشيئته بل أيضاً صحته.
لعل أداء كبار مسؤولي الدولة في هذه الأيام خير دليل على ذلك.
لن يتحرك أحد من مسؤولي النظام قبل أن تنجلي الصورة وقبل أن يتوضح مستقبل تشافيز الصحي ونتائج ذلك على سيرته السياسية. إلا أن هذه الحيرة لا تقتصر على الموالاة، والمعارضة لا تعرف أيضاً كيف عليها أن تتحرك، وفي صفوفها أيضاً هناك 5 أو 6 مرشحين ينظر بعضهم إلى بعض وينتظرون. كل واحد يريد منافسته في رئاسيات عام 2012 أو مبارزة خليفته الآن، ولا أحد يريد أن يتسرع لئلا يتهم بـ«الانقلابية».