بعد أقل من شهرين على اغتيال زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، كشفت الإدارة الأميركية استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب كثمرة عشرة أعوام من مقاتلة التنظيم الإسلامي المثير للجدلتزامن إعلان الإدارة الأميركية استراتيجيتها الجديدة لمكافحة الإرهاب، مع موافقة مجلس الشيوخ بغالبية ساحقة على تولي الجنرال ديفيد بترايوس إدارة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

واللافت في الاستراتيجية الجديدة هو أن إيران وسوريا تبقيان «الدولتين الرئيسيتين الداعمتين للإرهاب».
هذا ما أعلنه كبير مستشاري الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لمكافحة الإرهاب، جون برينان، في معرض تقديمه للاستراتيجية الجديدة قائلاً: إيران وسوريا تبقيان «الدولتين الرئيسيتين الداعمتين للإرهاب. سنواصل بالتالي استخدام كل أدوات سياستنا الخارجية لمنع هذين النظامين والمنظمات الإرهابية من تهديد أمننا القومي»، وخصوصاً عبر منع طهران من امتلاك السلاح النووي وجمع وتقاسم أفضل للاستخبارات.
وأضاف برينان أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية وحزب الله اللبناني، اللذين يحظيان بدعم ايران وسوريا، «يهددان اسرائيل ومصالحنا في الشرق الأوسط». وعن تنظيم القاعدة، أوضح «لا نسعى إلى أقل من تدمير تام لهذا الشر الذي يدعى القاعدة»، مشيراً إلى «حرب»، و«حملة واسعة مدعومة وشرسة» ضد التنظيم الذي بات بزعامة المصري أيمن الظواهري. لكنه اضاف أنه لن تحصل «حرب كونية على الإرهاب»، كما حدث في عهد الرئيس السابق جورج بوش. وتابع أنه لذلك ينبغي «تفكيك قلب القاعدة» عبر الهجوم على قادتها اللاجئين في المناطق القبلية في شمال غرب باكستان ومنعهم من امتلاك مخابئ في باكستان وفي أفغانستان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه ينبغي أيضاً مهاجمة المنظمات الموالية للقاعدة في اليمن والصومال والعراق أو المغرب، التي أصبحت أكثر خطورة.
ولم يغب عن بال برينان التذكير بأن «القاعدة تسعى الى إراقة دمنا مالياً عبر جرنا الى حروب طويلة باهظة الكلفة تثير أيضاً الشعور المناهض للأميركيين... ففي عهد اوباما، نعمل على وضع حد للحروب في العراق وافغانستان». وقال «لا نسعى إلى اقل من تدمير تام لهذه الآفة التي تدعو نفسها القاعدة».
وتأخذ الاستراتيجية الجديدة أيضاً في الحسبان التهديد المنبثق من «ذئاب متوحدة» في الولايات المتحدة، هؤلاء الافراد الذين يحولون انفسهم الى متشددين عن طريق المنتديات المتطرفة على الانترنت وينظمون اعتداءات. وقال جون برينان «انها اول استراتيجية لمكافحة الارهاب تركز على قدرة القاعدة وشبكتها على تشجيع اناس في الولايات المتحدة على مهاجمتنا من الداخل».
وأخيراً، تعتزم واشنطن تطوير قدرة بناها الاقتصادية والحكومية لكن خصوصاً تعليم سكانها تجاوز صدمة اعتداء.
ويشرح برينان أن خفض التهديد يمر أولاً بالتقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وهو «ترياق فعال» لمحاربة التطرف، وتحسين صورة أميركا في العالم. وفي هذا الصدد، تثبت الثورات العربية رفض «أيديولوجية القرون الوسطى» لتنظيم القاعدة في صفوف السكان.
وهذه الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب الأولى التي أعلنتها الادارة الأميركية بوضوح منذ وصول أوباما الى السلطة، تضفي «الصفة الرسمية» على التبدلات التي حصلت منذ بداية 2009، حسبما أفاد مستشار الرئيس الأميركي لمكافحة الإرهاب.
في غضون ذلك، وافق مجلس الشيوخ الأميركي أمس بغالبية ساحقة على تولي قائد القوات الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس، الذي يقود حالياً قوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان، منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وجاءت نتيجة التصويت بموافقة 94 عضواً وعدم اعتراض أي عضو من الحضور بالمجلس ليصبح ثاني تصويت على مرشّح يقدّمه الرئيس الأميركي، ويوافق عليه مجلس الشيوخ من دون معارضة هذا الشهر. وكان الأول هو ليون بانيتا، الذي يترك منصبه مديراً للاستخبارات ليصبح وزيراً للدفاع.
ومن المتوقع أن ينهي بترايوس قيادته في كابول في تموز الجاري، ليبدأ عمله في وكالة الاستخبارات المركزية في أيلول. وحتى هذا الموعد سيتولى نائب مدير الاستخبارات، مايكل موريل، مهمات المدير مؤقتاً.
وتواجه بترايوس تحديات كبيرة في وكالة الاستخبارات المركزية، من بينها توفير معلومات دقيقة بشأن التوجهات في أفغانستان وتعقّب المتشددين والقضاء عليهم في عدة دول، ومتابعة قضايا تغطي مجالات واسعة من التغير المناخي وحتى الآثار السياسية للتغيرات الاقتصادية العالمية.
(رويترز، أ ف ب)