كان التعاطي الإسرائيلي مع المتضامنين الأجانب مع القضية الفلسطينية المشاركين في «قافلة الاحتجاجات الجويّة» منتظراً، لكن سلوك بعض العواصم الأوروبيّة هو المفاجئتواصلت أعمال البلطجة الإسرائيلية، تعاونها سلطات بعض الدول الأوروبية، في اليومين الماضيين، ضدّ الناشطين الأجانب الذين إما باتوا معتقلين لدى سجون الاحتلال، أو موقوفين في دولهم، أو بأقل تقدير ممنوعين من السفر إلى فلسطين بموجب «لائحة سوداء» عمّمتها تل أبيب على الدول الأوروبية، لمنع مواطنيها من زيارة الأراضي المحتلة للتعبير عن موقف متضامن مع أهل البلد.
وكشفت تقارير صحافية إسرائيلية أن الدولة العبرية لا تزال تعتقل 118 شخصاً من نشطاء السلام الأجانب، الذين وصلوا على متن «قافلة الاحتجاجات الجوية» ضدّ حصار غزة يوم الجمعة الماضي، واعتُقلوا في مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب، ومُنعوا من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة أو المحررة. ويتوزع الناشطون المعتقلون في سجني ايلا في بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، والرملة قرب تل أبيب، ومعظمهم من الفرنسيين، وبينهم أميركيون وبلجيكيون وبلغار وإسبان وهولنديون.
وكان 125ناشطاً قد وصلوا إلى مطار بن غوريون، وأُطلق سراح 7 منهم، بينما زُجّ الآخرون في سجشن الاحتلال، فيما اعترفت إسرائيل بأن عشرات النشطاء نجحوا بالوصول إلى الضفة الغربية المحتلة. وأعلنت المتحدثة باسم أجهزة الهجرة الإسرائيلية، سابين حداد، أنه لا يزال 118ناشطاً من المتضامنين مع القضية الفلسطينية «محتجزين في انتظار طردهم»، بعد طرد «زوجين بلجيكيّين ليلاً». وأضافت «نأمل أن نتمكن من ترحيلهم إلى بلدانهم خلال 48 ساعة، هذا متوقف على العثور على مقاعد لهم على متن الرحلات» المتوجهة إلى أوروبا. وتمكنت إسرائيل، عقب ضغوط وتحذيرات مارستها على شركات طيران أوروبية وأميركية، من منع نحو 200 ناشط من السفر إليها، وذلك بعدما عمّمت «قائمة سوداء» بأسمائهم على شركات الطيران، وشددت على أنها لن تسمح بدخولهم إلى إسرائيل، محذرة الطائرات التي ستحضرهم من أنها ستضطر إلى إعادتهم من حيث جاؤوا.
وقال مسؤول في سلطة الهجرة والسكان الإسرائيلية إنه سيُطرَد النشطاء الأجانب من دولة الاحتلال في غضون الساعات الـ 48 المقبلة، غير أن شركات طيران لفتت إلى أنها لن تتمكن من استيعاب عدد كبير من النشطاء لعدم توافر أماكن لهم في طائراتها.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول في شركة طيران أوروبية كبيرة قوله «نحن في أوج موسم الرحلات الصيفية، والرحلات الجوية مليئة ونحن لسنا مستعدين لذلك، من حيث القوى البشرية والقدرة على الاستيعاب». تجدر الإشارة إلى أنه سبق لتل أبيب أن أعلنت يوم الخميس الماضي أنها تتوقع وصول 600 ناشط على الأقل، لكن العدد الذي وصل كان أقل من ذلك بكثير. ولم تقتصر الاعتداءات الإسرائيلية يوم الجمعة على الناشطين اليساريين الأجانب، بل طاولت أيضاً نشطاء يساريين يحملون الجنسية الإسرائيلية، ممن حضروا إلى مطار اللد لاستقبال الزوار الأجانب بلافتات «أهلاً بكم في فلسطين».
وفي السياق، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن سلطات الاحتلال اعتقلت 12بريطانياً كانوا يحاولون زيارة مدينة بيت لحم في الضفة الغربية. ونقلت «بي بي سي» عن مسؤولي «حملة التضامن مع فلسطين ـــــ فرع اسكتلندا»، أن رئيسها ميك نايبر (64 عاماً)، وهو أستاذ جامعي، كان من بين أربعة اسكتلنديين اعتُقلوا في مطار بن غوريون الإسرائيلي، إضافةً الى اعتقال خمسة بريطانيين وثلاثة أشخاص من ويلز.
ونسبت الإذاعة البريطانية إلى المتحدثة باسم حملة التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة، صوفيا ماكلويد، قولها «إن اعتقال البريطانيين، ومعظمهم متقاعدون، كان فظاً، حسب موظفي القنصلية البريطانية في تل أبيب، إذ جرى تقييدهم بالأغلال والأصفاد، ووضعهم في شاحنات صغيرة بعد إجبارهم على الوقوف فترة طويلة جداً».
كذلك قامت السلطات الفرنسية بـ «الواجب» إزاء حليفتها إسرائيل، بحيث اعتُقل 120 شخصاً بعدما تجمعوا قرب فندق «دو فيل» في باريس، للمطالبة بالإفراج عن الناشطين الدوليين المؤيدين للقضية الفلسطينية. وتجمع المتظاهرون خلف لافتة كتب عليها «أوقفوا العنصرية الإسرائيلية. عار على فرنسا المتواطئة»، وارتدوا قمصاناً خضراء كتب عليها «حرّروا فلسطين» و«تحيا فلسطين»، و«لا لحصار غزة»، كما شهدت عدّة مطارات أوروبية تظاهرات جوّالة لمسافرين أوروبيين طاولهم قرار المنع من السفر الذي نفّذته سلطات فرانكفورت وروما وباريس مثلاً.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)