إسطنبول| توصّل حزبا «الشعب الجمهوري»، كبير أحزاب المعارضة التركية، و«العدالة والتنمية» الحاكم، أمس، إلى اتفاق مكتوب من شأنه إنهاء الأزمة البرلمانية التي دامت أسبوعين، وكان عنوانها مقاطعة 171 نائباً (135 منهم عن الشعب الجمهوري و36 عن حزب الأكراد «السلام والديموقراطية») لجلسة القسم الدستوري للبرلمان الجديد بحجة رفض المحاكم الإفراج عن النواب المسجونين من الحزبين (2 عن حزب مصطفى كمال و6 عن حزب الأكراد). وبذلك، عاد النواب الـ 135 الكماليون ليدلوا بقسمهم الدستوري، ليبقى 36 نائباً كردياً على موقفهم المقاطع لمجلس النواب، ربما ريثما يجري التوصل إلى اتفاق مشابه بينهم وبين الحزب الحاكم. وينص الاتفاق، الذي وصفه المراقبون بأنه «مجرد حفظ ماء الوجه بالنسبة إلى الشعب الجمهوري»، على أن «حل مسألة النواب المسجونين يكمن في البرلمان»، مشدِّداً على أن «جميع القوانين، والمواد الدستورية حتى، يجب أن تعدَّل أو تفسَّر بطريقة تكفل الحريات الفردية». ونص الاتفاق كذلك على أن «البرلمان المنبثق من انتخابات 12 حزيران يمثل فرصة تاريخية للتوصل إلى اتفاق على دستور جديد، بما أنّ النواب المنتخبين يمثّلون 95 في المئة من الهيئة الناخبة في تركيا».
وفور إعلان البيان المشترك، دخل نواب «الشعب الجمهوري»، يتقدمهم رئيس الحزب كمال كليتش دار أوغلو قاعة البرلمان وأدلوا بقسمهم الدستوري، باستثناء النائبين اللذين لا يزالان معتقلين بتهمة الانتماء إلى عصابات «إرغينيكون» الإجرامية. إلا أنّ النواب الأكراد ظلّوا على موقفهم الرافض لدخول البرلمان من دون زملائهم الـ6 المعتقلين حالياً بتهم تتعلق بدعمهم حزب «العمال الكردستاني».
ويمثل الاتفاق بين «الشعب الجمهوري» و«العدالة والتنمية» الحاكم، النجاح الأول والأسرع لرئيس البرلمان المعين قبل أيام فقط، كميل جيجيك، بما أنه عرّاب الاتفاق الذي استغرق التوصل إليه وقتاً طويلاً من المفاوضات، علماً بأن بوادر حلحلة ظهرت فور ترحيب حزب أتاتورك بتسمية جيجيك رئيساً للبرلمان.
وردّ حزب الأكراد على دعوة جيجيك بالعودة إلى البرلمان، سلباً؛ «لأنه جرى استثناؤنا من المفاوضات التي جرت بين الحزب الحاكم وحزب الشعب الجمهوري، وبالتالي نحن لا نعترف باتفاقات لم نشارك بها»، على حد تعبير النائب الكردي حسيب كابلان في حديث مع «الأخبار». واللافت أن الاتفاق بين الحزبين الكبيرين في البلاد لم ينص على أي حل حسّي لمشكلة النائبين المعتقلَين، وهو ما دفع بكثيرين من المعلّقين إلى اعتبار أنه كان خسارة كبيرة لـ«الشعب الجمهوري»؛ لأنه لم ينل بموجبه أي مكسب فعلي، لذلك «سيكون من الصعب على هذا الحزب تبرير سلوكه لناخبيه»، بحسب الصحافي التركي المعروف أوكاي غوننسين، في اتصال مع «الأخبار».
إلا أنّ النائب عن «الشعب الجمهوري»، سيزغين تانريكولو، أوضح لـ«الأخبار» أن حزبه يعدّ نفسه فائزاً في هذا الاتفاق «لأنه نصّ على أن الحل يكمن داخل البرلمان»، معترفاً في الوقت نفسه بأنه لم يجر التوصل إلى اتفاق على طريقة الإفراج عن النائبين المعتقلين عن حزبه.