رغم نتائجه المالية والاقتصادية، اصبح موضوع سقف الاستدانة الاميركي مسألة سياسية، تحوّلت إلى جوهر الحملات الانتخابية لانتخابات العام المقبل، الرئاسية والتشريعية. الناخبون قلقون مما سيحصل، ولا يهمهم إرادة من ستنتصر في النهاية، قدر ما يهمهم ألا تكون هناك نتائج سيئة إضافية على الاقتصاد الأميركي، سيعيشيون هم تبعاتها. الجميع في واشنطن يتحدث عن تسوية سترى النور قريباً، يتنازل فيها الطرفان ولا يخرجان خاسرين من المعركة. لكن ما هو التأثير الحقيقي للجدال القائم في واشنطن بين الرئيس الاميركي باراك أوباما وحزبه من ورائه، وبين الجمهوريين المتسلحين بأغلبية نيابية؟ من سيخرج منتصراً انتخابياً؟ صحيفة «نيويورك تايمز»، جمعت اربعة خبراء في زاوية النقاش في صفحات الرأي فيها، أدلوا بدلوهم حيال ما يحدث، وتوقعاتهم بشأن الانتخابات الرئاسية.
مديرة ابحاث السياسات في مؤسسة «مجموعة وينستون» للدراسات الاستراتيجية واستطلاعات الرأي، كريستين سولتيس، ترى أنّ حظوظ باراك أوباما في البقاء في البيت الأبيض بعد انتخابات 2012 تتوقف على ما يشعر به الناخبون حيال الاقتصاد، وذلك ليس في مصلحة الرئيس في الوقت الحالي مع تقارير البطالة المرتفعة اليومية. وتضيف سولتيس انّه إذا كانت نتيجة الخلاف حول سقف الاستدانة سيئة على الاقتصاد، فسيحاول الرئيس بلا شك أن يعدّ أنّه غير مسؤول عما آل إليه وضع الاقتصاد. فهو سيلوم الجمهوريين، مقابل لوم هؤلاء له. لكن تعتقد سولتيس أنّ عدّه مشاركاً في المسؤولية، مثله مثل الجمهوريين، سيكون ذا نتائج افضل له انتخابياً. وترى سولتيس أنّ الجمهوريين على حق حين يطالبون بعدم زيادة الضرائب وبخفض الإنفاق، لكن ما سيتذكره الناخبون ليس الخطابات بل النتائج، فما يهمهم هو نتيجة ما يحصل في وضعهم الاقتصادي الخاص.
من جهته، يرى جمال سيمونز، المستشار في «مجموعة رابن» الاستشارية، أنّه اذا أراد اوباما تأمين إعادة انتخابه يحتاج إلى ان ينقل تركيزه من موضوع العجز إلى موضوع خلق الوظائف. لا ينكر سيمونز أهمية موضوع سقف الاستدانة والعجز، لكنّه يقول إنّ الناخبين لا يكترثون له اطلاقاً، والدليل استطلاع للرأي أجرته «نيويورك تايمز» ومحطة «سي بي إس» اظهر أنّ 7 في المئة فقط يرون عجز دولتهم المالي أهم قضية انتخابية، مقابل 53 في المئة يعطون الأولوية للوضع الاقتصادي والبطالة. ويقول سيمونز إنّ اوباما ركز على الرعاية الصحية لسنة، وعاقب الناخبين الديموقراطيين لإفهامه رسالة واحدة: نريد وظائف. ويضيف أنّ الجمهوريين يهاجمون موضوع العجز والاستدانة منذ الانتخابات الماضية. هكذا، ركز كلّ حزب على الموضوعات التي تهمه هو، وحان الوقت كي يظهرا للأميركيين أنّ باستطاعتهما التركيز على ما يهم الناخب، أي خلق الوظائف، وإلا فقد الجميع في واشنطن وظائفهم.
اما روبرت رايخ، وزير العمل في عهد بيل كلينتون، فيجزم بأنّ اوباما سيخسر الانتخابات المقبلة حتى لو انتصر في موضوع سقف الدين، إذا لم يعد تركيز خطابه على موضوع البطالة. ويستشهد رايخ باستفتاء للرأي أجري منذ اسبوع اظهر أنّ 64 في المئة من الناخبين يرون أنّ البطالة هي التحدي الأكبر للدولة وليس العجز. ويقول رايخ إنّ عدداً كبيراً من الناس فقدوا وظائفهم منذ انتخاب باراك أوباما، وحتى لو ارتفعت نسبة خلق الوظائف لتصل إلى وتيرة التسعينيات (ثلاثمائة ألف وظيفة جديدة في الشهر)، فلن تنخفض نسبة البطالة إلى ما دون الستة في المئة، وهي النسبة الأمثل، حتى 2016. ويعتقد رايخ أنّه من دون خطة جريئة لزيادة الوظائف، ستكون البطالة يوم الانتخابات في 2012 اعلى بكثير من 8 في المئة و«هذا رقم سيجعل من أوباما رئيساً لفترة واحدة فقط، مهما فعل في موضوع سقف الاستدانة».
من جهته، يرى نورمان اورنستاين، وهو باحث في معهد «اميركان انتربرايز»، أنّ نجاح الجمهوريين في الانتخابات التشريعية الماضية جعلهم يعتقدون أنّه يمكنهم فعل ما يريدون لضمان عدم انتخاب باراك اوباما لولاية ثانية. ويسأل اورنستاين: «إذا حصل الأسوأ، فمن علينا ان نلوم؟».
يلجأ الباحث إلى استطلاعات الرأي ويقول إنّ الناخبين سيلومون الجمهوريين أكثر من الرئيس او حزبه على ما سيحصل.
لكنّه يضيف أنّه إذا حصل شيء من الأمور السيئة التي يتوقعها المراقبون والخبراء، اي تراجع اكبر لاقتصاد منهك اصلاً وضربة قوية لاقتصاد عالمي يكافح للصمود، فسينال الرئيس حصته من النتائج السيئة. فكل ما يحصل في عهد أوباما، برأي اورنستاين، هو مسؤوليته.