ابتعدت الولايات المتحدة الأميركية عن منطقة الخطر بعد إقرار قانون زيادة سقف الدين الذي لا يكفي لتجنّب تراجع التصنيف الائتماني في الأعوام المقبلة ومعالجة الأزمةحثّ الرئيس الاميركي باراك أوباما، أول من أمس، الكونغرس على العمل على تحفيز الاقتصاد والتركيز على تعزيز فرص العمل، وذلك مباشرة بعد إقرار الأخير قانون زيادة سقف الدين، مجنباً البلاد إعلان عجزها عن سداد ديونها، والذي وقّعه الرئيس الاميركي قبل ساعات قليلة من انتهاء المهلة التي حددتها وزارة الخزانة لرفع سقف الدين، وهو منتصف ليلة الثلاثاء الأربعاء. ووافق مجلس الشيوخ على مشروع القانون بأكثرية 74 صوتاً مقابل 26 غداة موافقة مجلس النواب عليه بأكثرية 269 صوتاً مقابل 161.
وفي هذا الإطار، لا تتضمن الخطة أي زيادة في الضرائب، وهي نقطة أجبر أوباما على القبول بها تحت ضغط الجمهوريين، ما أدى الى انتقاده من فريقه نفسه. ويتضمن الاتفاق زيادة من 2100 مليار دولار على الأقل في سقف الدين لتمكين الخزانة من الاقتراض بعد الثاني من آب. وفي موازاة هذه الزيادة في سقف الدين، تتضمن الخطة أيضاً خفضاً في الموازنة يصل الى 2500 مليار دولار على مرحلتين. وبعد إبعاد هاجس العجز عن سداد الديون، على الأقل حتى عام 2013، انتقد أوباما الكونغرس على دخوله في مواجهة ساخنة بشأن العجز والنفقات الحكومية بدلاً من التركيز على مشكلة البطالة، وقال «في أيلول، عندما يعود الكونغرس من الإجازة، سأحثّه على اتخاذ خطوات فورية ستحدث فرقاً».
في موازاة هذه التطورات، انتقل الاهتمام الى التصنيف الذي ستمنحه وكالات التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، خفضت «وكالة موديز للتصنيف الائتماني»، أول من أمس، من «مستقرة» الى «سلبية» التوقعات للعلامة التي تمنحها للدين الاميركي، والتي أبقتها بمستوى «اي اي اي» وهي العلامة القصوى. ورفعت موديز مخاطر خسارة هذا البلد علامته في حال «تراجع الانضباط المالي في السنة المقبلة» أو «تدهور الأوضاع الاقتصادية على نحو كبير». وأوضحت الوكالة ان التدابير التي أُقرّت لن تكون حكماً كافية لتحسين وضع المالية العامة الاميركية. ورأت أنه «حتى لو تضافر تأليف لجنة برلمانية مع إجراءات تلقائية لإنتاج آلية تفرض انضباطاً مالياً، فإن هذا الإطار موضع تشكيك. فمحاولات فرض قواعد في الميزانية في الماضي لم تقاوم على الدوام اختبار الوقت». وتابعت أنه «سيترتب على الأرجح اتخاذ تدابير إضافية لضمان بقاء مسار الميزانية على المدى البعيد متناسباً مع علامة اي اي اي»، مشيرة الى «خلافات سياسية واسعة في وجهات النظر» في الجدل القائم في واشنطن. واضافت «إن خفض معدلات النمو الاقتصادي أخيراً ونسبة النمو الضعيفة جداً في النصف الاول من عام 2011 يعيدان النظر في متانة طاقات النمو خلال السنة المقبلة أو السنتين المقبلتين».
من جهتها، أعلنت وكالة التصنيف المالي «فيتش راتينغز»، أول من أمس، أن هذه التسوية التي جرى التوصل اليها تسمح بإبقاء علامة التميز «اي اي اي» للولايات المتحدة، «لأن خطر الوصول الى عجز السداد الآن بات ضعيفاً للغاية». أمّا وكالة «ستاندرد & بورز» فلم تصدر تصنيفها بعد، إلا أنها كانت قد حذرت خلال النقاشات الأخيرة من أن على «الولايات المتحدة ادّخار أربعة آلاف مليار دولار في السنوات العشر المقبلة للاحتفاظ بالتصنيف «اي اي اي»، وهذا ما لا يلحظه المشروع. من جانبها، أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، ترحيبها بالقرار، ورأت أن هذا التطور هو خبر جيد «للاقتصاد الاميركي والعالمي»، داعية الى مواصلة الجهود لخفض العجز.
في موازاة ذلك، أبدت الصين، الدائن الأول للولايات المتحدة، أمس، موقفاً صارماً حيال الاعلان عن قرار الكونغرس، معتبرة أنها فشلت في نزع فتيل «قنبلة ديونها»، ومؤكدة عزمها على الحد من اعتمادها على الدولار في احتياطاتها الهائلة من العملات الأجنبية. وترافق هذا الموقف مع خفض وكالة التصنيف الائتماني الصينية داغونغ علامة الدين السيادي الأميركي.
(الأخبار، أ ف ب)