لا تزال المأساة الانسانية في الصومال تكبر في ظل مماطلة المجتمع الدولي بتوفير حل فعلي لها. ورغم امكان تجاوز المجاعة الحالية حجم تلك التي ضربت إثيوبيا عام 1984 وأدّت الى وفاة مليون شخص، يتأخر المجتمع الدولي في التحرك، وهذا ما يهدد بخروج الأزمة عن نطاق السيطرة. وفي هذا الإطار، تزامن، أول من أمس، اعلان الأمم المتحدة أن المجاعة التي حلت بأجزاء من جنوب الصومال انتشرت إلى ثلاث مناطق جديدة في البلاد مع احتمال اعلان الجنوب بكامله منطقة مجاعة خلال الاسابيع الستة المقبلة، وإعلان مسؤولين اميركيين أن زهاء 29 ألف طفل توفوا نتيجة المجاعة. وأشار البيان الصادر عن وحدة الأمن الغذائي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في الصومال إلى أن سوء التغذية الحاد ونسب الوفيات قد تجاوزت حدود المجاعة في منطقتي «بالكاد» و«كادال» في «شبيلي»، وبين السكان اللاجئين في مقديشو ووادي افجوي.
وقال البيان إن «الاستجابة الانسانية الحالية لا تزال غير ملائمة، مما يرجع جزئياً إلى القيود المفروضة على التحرك وصعوبة زيادة برامج مساعدات الطوارئ». وبحسب الأمم المتحدة فإن الجفاف في شرق افريقيا يهدد نحو 12 مليون شخص.
في هذا الاطار، قالت مساعدة مدير الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، نانسي ليندبورغ، خلال جلسة استماع في الكونغرس «استناداً الى التقارير المتعلقة بالتغذية ومعدلات الوفاة، نقدر بأنّ أكثر من 29 ألف طفل دون الخامسة ـــــ أي ما نسبته أربعة بالمئة من الأطفال ـــــ توفوا خلال التسعين يوماً الماضية في جنوب الصومال». ووفقاً لها فإنّ 3,2 ملايين شخص يحتاجون الى «مساعدة انسانية فورية».
من جانبه، قال السيناتور الديموقراطي، كريس كونز، أثناء افتتاحه للجلسة، «إنها الأزمة الانسانية الأسوأ منذ جيل، اذ تؤثر على الأمن الغذائي لأكثر من 12 مليون نسمة في الصومال وإثيوبيا وكينيا وجيبوتي ومناطق محيطة». وقال إنّه من أصل المليارين دولار اللازمة لمكافحة هذه المجاعة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن نصف المبلغ فقط تمّ التعهد بتقديمه، وفي هذا الاطار، تعدّ الولايات المتحدة أكبر الجهات المانحة من خلال تعهدها بتقديم 450 مليون دولار. وأضاف كونز، خلال حديثه «على المجتمع الدولي الانضمام الى الولايات المتحدة والدول العديدة الأخرى وتقديم المساعدة اللازمة على المدى القصير لإنقاذ أرواح الأطفال خصوصاً»، وتابع «يلزم تقاسم عبء المساعدات الانسانية بين الدول وخاصة في ظل الأوقات الاقتصادية الصعبة». أما نائب وزيرة الخارجية، روبن بريدجتي، فقال: «أظهرت الزيارات التفقدية السريعة لعيادات الصحة في مخيمات اللاجئين وجود العشرات من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية والضعف والوهن».
وفي السياق، تحدث مدير السياسات وحملات الدعم في منظمة «ميرسي كور» الخيرية، جيرمي كونيندك، عن «مشهد عام من قرى باتت مهجورة بسبب الجفاف فضلاً عن نفوق الماشية» في القرن الأفريقي. ورأى أنّ المجتمع الدولي لم يدرك بعد مدى خطورة الأزمة، داعياً إلى توفير مزيد من المساعدات الدولية لإنهاء «الوضع البائس حقاً» في هذه المنطقة من شرق افريقيا. وأضاف «المساعدات التي قُدّمت لا تشكل سوى جزء بالمقارنة مع المساعدات والجهود التي خُصصت للتعامل مع زلزال هاييتي على سبيل المثال»، وذلك رغم أنّ المتضررين من المجاعة في شرق افريقيا أكثر عدداً، حسب تقديره، من سكان هاييتي باكملها.
(أ ف ب، رويترز)