تسعى الحكومة البريطانية إلى محو ذيول الأحداث التي شهدتها البلاد سريعاً، وذلك في ظل العودة التدريجية للهدوء. أولى الخطوات كانت ما أعلنه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، أول من أمس، عن تخصيص 20 مليون جنيه استرليني لمساعدة المتضررين من أعمال الشغب والنهب من أصحاب المتاجر الصغيرة؛ الا أنّ الصحيفة البريطانية «دايلي ميرور» أشارت أمس إلى أن هذا الرقم يعادل فقط 10% من حجم الخسائر التي لحقت بأصحاب المتاجر الصغيرة والتي قُدرت بأنها تصل إلى 200 مليون جنيه استرليني.في هذا السياق، أفادت الصحيفة البريطانية بأنّ البلاد تواجه فاتورة تصل إلى مليار جنيه استرليني، أي ما يعادل نحو 1.6 مليار دولار، ثمناً لخمس ليال من أعمال الشغب والنهب، طاولت ما يقارب 6000 مؤسسة، وسيستغرق تسديدها سنوات عديدة مقبلة. وأشارت «دايلي ميرور» إلى أن فاتورة الخسائر ستشمل أيضاً التكاليف الإضافية للموظفين، وفاتورة عمليات التنظيف وخاصة بالنسبة إلى شركات الأغذية، واحتمال ارتفاع فواتير التأمين في المستقبل. وذكرت أن أعمال الشغب كلّفت الشرطة البريطانية 15 مليون جنيه استرليني حتى الآن نتيجة نشر وحدات اضافية من رجالها في الشوارع لليلة الخامسة على التوالي، فضلاً عن 9 ملايين جنيه استرليني اخرى كلفة نشر 16 ألف شرطي في شوارع لندن على مدى الليالي الثلاث الماضية، فيما اضطرت شرطة العاصمة إلى تغطية نفقات نقل وإقامة رجال الشرطة الذين استدعتهم من مدن أخرى. ونسبت الصحيفة إلى متحدث باسم شرطة سكوتلند يارد قوله «إن القرار حول الجهة التي ستغطي تكاليف الشرطة قد يستغرق عدة أشهر. ولا يمكننا وضع أي رقم حول التكاليف الآن». وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن تكاليف أعمال الشغب التي لحقت بنظام العدالة قد تصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه استرليني، حيث من المقرر أن تتعامل المحاكم مع ما لا يقل عن 1300 شخص ستوجّه الشرطة تهماً ضدهم لتورطهم بأعمال الشغب والنهب.
وسط هذه الأجواء، تنقسم الآراء في بريطانيا بشأن دوافع موجات النهب والاحراق العمد، ويخشى كثيرون من انه اذا تم تقليص حجم قوات الشرطة ضمن سياسة خفض الإنفاق التي تنتهجها الحكومة فإن البلاد ستشهد مزيداً من المخاطر اذا تفجرت قلاقل جديدة.
وفي هذا الاطار، يواجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ضغوطاً متزايدة للتراجع عن خطط لخفض تمويل قطاع الشرطة في اطار برنامج التقشف الذي تتبناه الحكومة حالياً. وكان قد حرص زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، اد ميليباند، على ألا يتعرض باللوم لسياسة التقشف الحكومية بوصفها السبب المباشر للعنف، لكنه قال لهيئة الاذاعة البريطانية، أمس، «الخفض الذي يجري تطبيقه ضار للغاية بالمجتمع».
بموازاة ذلك، علّق بعض عناصر الشرطة على اتهامات كاميرون بأنهم أخطأوا في التعامل مع الأحداث، وقال رئيس رابطة كبار ضباط الشرطة، هيو اورد، «واجهت الشرطة موقفاً لم يسبق لها أن جابهته. إنها ظروف لا مثيل لها»، مضيفاً أن الأمر يتطلب «مناقشات صريحة مع الحكومة بشأن خطط خفض الإنفاق».
في اطار آخر، قررت وزارة الداخلية البريطانية، أمس، حظر مسيرة خططت لإقامتها رابطة الدفاع الانكليزية اليمينية المتطرفة في بلدة بمقاطعة شروبشاير في خطوة تهدف إلى حماية الجاليات المحلية وممتلكاتها. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية، تريزا ماي، «وافقت على فرض حظر على المسيرات في تليفورد خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري لضمان حماية الجاليات المحلية وممتلكاتها، ونشر عدد كبير من رجال الشرطة في البلدة».
الى ذلك، أعلنت الشرطة البريطانية، أمس، أن رجلاً في الثامنة والستين من العمر، كان قد أُصيب بجروح خطيرة أثناء محاولته إخماد حريق، توفي متأثراً بجروحه في المستشفى. وبذلك ترتفع إلى خمسة حصيلة أعمال الشغب والنهب.
(يو بي آي، رويترز)