لم تغب العواصم الدولية المنخرطة في الملف السوري عن مشهد المواقف من التطورات في عطلة العيد خلال اليومين الماضيين، وسط سباق كلام بين موسكو وواشنطن وباريس. وقد برز، أول من أمس، التحذير الذي وجّهه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لنظيره السوري بشار الأسد، ومفاده أنّ الأخير «ارتكب ما لا يمكن إصلاحه»، مشيراً إلى أنه «أخطأ بالاعتقاد أنه محميّ من قبل شعبه». وقال الرئيس الفرنسي «يخطئ النظام السوري إن اعتقد أن شعبه يحميه. الرئيس السوري ارتكب ما لا يمكن إصلاحه. فرنسا وشركاؤها ستفعل كل ما هو ممكن قانونياً من أجل أن تنتصر تطلعات الشعب السوري إلى الحرية والديموقراطية». وتابع «أشعر بأسف لأن مجلس الأمن الدولي لا يتحمل مسؤولياته حتى الآن تجاه المأساة السورية»، في انتقاد ضمني للموقفين الروسي والصيني المعارضين لاتخاذ قرار عقوبات ضدّ النظام السوري. لكنه في المقابل، استبعد أي مبادرة فرنسية أخرى خارج الإطار القانوني للأمم المتحدة، قائلاً «علينا أن نعمل جاهدين للتوصل إلى تفاهم وتعزيز العقوبات».
من جهة أخرى، استبعد المندوب الروسي الدائم لدى حلف شمالي الأطلسي، ديمتري روغوزين، أن يشنّ الحلف عملية عسكرية على سوريا «لأن ذلك قد يهدد أمن إسرائيل». ولم يتوقع روغوزين، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، أن يشنّ الحلف أيّ عملية عسكرية على سوريا «لأنه لا بد لذلك أن ينعكس على الوضع الأمني في إسرائيل». وتابع «أظنّ أن إسرائيل بدأت تقرع كل الأجراس منادية بوقف هذه الأعمال المجنونة ضد سوريا».
أما عن الرسالة التي سلمها المبعوث الرئاسي الروسي، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف للقيادة السورية يوم الاثنين الماضي، فقد كشفت مصادر روسية مطلعة، أن بوغدانوف نقل «رسالة واضحة» للجانب السوري بضرورة تهدئة الوضع في أسرع وقت، محذراً من احتمال تطور الموقف في مجلس الأمن نحو اتخاذ قرارات حازمة إذا استمر مسلسل العنف في سوريا. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن مصدر «مطّلع» تأكيده أن نائب وزير الخارجية الروسي نقل خلال محادثاته مع الأسد «نصائح واضحة من موسكو بضرورة العمل على تهدئة الموقف في أسرع وقت». وأشار المصدر إلى أن الرسالة الروسية حملت تحذيراً من أن «صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد» وأنه «لا بد من اتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة». وذكر المصدر أن بوغدانوف لفت في الوقت ذاته إلى احتمال أن تسير الأمور وفق سيناريوهات أخرى في حال استمرار مسلسل العنف في سوريا، وأنه نبّه المسؤولين السوريين إلى احتمال أن تتقدم البلدان الغربية بقرارات حازمة وأنه «إذا استمرت الأحداث في التطور بنفس الطريقة الحالية فلا بد من اتخاذ قرارات أخرى».
وعن الموضوع نفسه، جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، معارضة بلاده لسياسة «المعايير المزدوجة» في التعاطي مع النزاعات المسلحة، متهماً مجموعة من الدول إلى «دفع المعارضة السورية لمقاطعة الحوار مع السلطة وتأجيج المواجهات». غير أنه في المناسبة نفسها، لفت لافروف إلى أن استخدام القوة ضد المتظاهرين المدنيين هو «أمر غير مقبول».
وكان طبيعياً ألا تصوم واشنطن عن الكلام، إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن النظام السوري لا يزال يسيطر على أسلحته الكيميائية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند «ندعو منذ وقت طويل الحكومة السورية الى التخلي عن ترسانة الأسلحة الكيميائية، لكننا نعتقد أن الحكومة لا تزال تسيطر على المخزون الكيميائي السوري»، مفصّلة ذلك المخزون بأنه عبارة عن «غاز الأعصاب وغاز الخردل»، مطمئنة إلى أن الولايات المتحدة تتعاون مع دول أخرى «بهدف التأكد من عدم انتشار» تلك الغازات.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)