رئيس الوزراء التركي يتوعّد بمزيد من العقوبات وباراك يدعو إلى ضبط النفس بين «أهم وأقوى» دولتين

جميع المؤشرات تدلّ على أنّ الأزمة التركية ــ الإسرائيلية نحو مزيد من التصعيد مع إعلان أنقرة تجميد كل العلاقات العسكرية والتجارية، ونيّتها فرض عقوبات إضافية؛ إجراءات أقلقت إسرائيل التي لا تزال تكابر، غير مقتنعة بأن حلفها مع أنقرة قد ولّى
أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس، تعليق كامل العلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل، متوعّداً بتدابير وعقوبات إضافية غير تلك التي فُرضت، من دون أن يستبعد إجراء زيارة قريبة لغزّة، في مقابل مواقف إسرائيلية تعبّر عن رغبة في تجاوز الأزمة واحتواء من دون أن تخلو من عبارات التهديد.

وقال أردوغان في تصريحات للصحافيين في أنقرة «نعلّق تعليقاً كاملاً علاقاتنا التجارية والعسكرية وفي مجال الصناعة الدفاعية». وتحدث عن تدابير عقابية إضافية «ستتخذ غير تلك التي أُعلنت يوم الجمعة ضدّ إسرائيل»، من دون أن يكشف مزيداً من التفاصيل. وأكد أن إسرائيل «دائماً ما تصرفت تصرف ولد مدلل». وأكد أردوغان أن بلاده ستعزز الدوريات البحرية في شرق المتوسط، قائلاً، في إشارة إلى قاعدتين بحريتين تركيتين، «شرق البحر المتوسط ليس مكاناً غريباً علينا. اكساز والإسكندرونة، هذان المكانان لديهما القوة والفرصة لتوفير مرافقة بحرية». وأضاف «بطبيعة الحال، فإن سفننا ستشاهد تكراراً، أكثر مما مضى، في تلك المياه.» وفرضت تركيا مجموعة من العقوبات على إسرائيل التي ترفض تقديم اعتذار عن اعتداء جنودها على سفينة تركية كانت متوجهة إلى غزة العام الماضي وقتلهم 9 ناشطين أتراك. ومن ضمن هذه العقوبات طرد السفير الإسرائيلي وتعليق الاتفاقات العسكرية الثنائية ورفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية للاحتجاج على عدم شرعية الحصار على غزة.
من جهة ثانية، لم يُسقط أردوغان التوقعات بزيارة قطاع غزة قائلاً إنّه «في إطار زيارة ينوي القيام بها الأسبوع المقبل لمصر، ابتداءً من الاثنين في 12 أيلول على الأرجح»، لكنه أشار إلى أنه لم يتخذ بعد أي قرار نهائي. وقال «نجري مناقشات مع الجانب المصري بشأن هذا الموضوع، ولم يتقرر شيء حتى الآن».
وحاول أحد مستشاري أردوغان توضيح تصريحاته بشأن تعليق العلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل، فقال إن «التعليق يشمل التجارة الثنائية في مجال صناعة الأسلحة لا التجارة عموماً». وكان وزير الاقتصاد التركي ظافر جاغليان قد أعلن في وقت سابق أن العلاقات التجارية مع إسرائيل مستمرة. وأوضح الوزير أن المبادلات التجارية بين البلدين تمثّل حوالى 2,7 مليار دولار للفترة الممتدة ما بين كانون الثاني وتموز 2011، فيما بلغت الصادرات التركية 1,5 مليار دولار، والواردات 1,2 مليار دولار.
رغم الإعلان التركي، فإن مسؤول الشؤون السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أكد للإذاعة العامة الإسرائيلية أن الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في أنقرة باق في منصبه. وقال «لا يوجد قطيعة مع تركيا، والدليل هو أن ملحقنا العسكري في أنقرة باق في منصبه، وأن الخدمات القنصلية (في أنقرة) لا تزال تعمل». وأضاف «لا بد من إيجاد حل لهذه الأزمة من خلال استخدام هامش مناورة باق، وخصوصاً من خلال دور للحلف الأطلسي وعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا». ورأى أن «تركيا ستخسر الكثير بانتهاجها سياسة متطرفة».
من جهته، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تركيا وإسرائيل إلى ضبط النفس. وقال، خلال جولة في قاعدة عسكرية في مرتفعات الجولان، «إسرائيل وتركيا هما أقوى وأهم دولتين في المنطقة في الوقت الحالي، وحتى عندما تكون بيننا خلافات، وبيننا عدة خلافات، علينا التصرف بدافع من العقل لا العاطفة والانفعال، وأوصي أنفسنا وجيراننا الأتراك بذلك بشدة».
كذلك أكد مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن هويته، أن الدولة العبرية لا ترغب في المزيد من التدهور في علاقتها مع تركيا. وقال «خلال الأشهر القليلة الماضية كان هناك العديد من المحاولات لخلق ديناميكية إيجابية للحفاظ على العلاقة بين إسرائيل وأنقرة، ولكن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن»، فيما أعلن مسؤول إسرائيلي آخر أن الحكومة تعمل كل ما في وسعها لتحاول وضع حدّ للعلاقات المتدهورة، وعدم جعل الأمور أسوأ من خلال الدخول في حرب كلامية مع تركيا. وأضاف أن الحكومة قلقة من الإجراءات التي أعلنها رئيس الوزراء التركي. وأشار إلى أن إسرائيل تجري محادثات حالياً مع أطراف مختلفة لاحتواء الوضع، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل. إلا أنه قال إن «الحكومة لم تتوصل إلى قرار بعد بشأن كيفية تصرّفها إذا اقتنعت بأن الوضع غير قابل للإصلاح».
وتعليقاً على إعلان أردوغان، قال المتحدث باسم حركة «حماس»، سامي أبو زهري، إن حركته ترحب بالقرار التركي وتؤكد تأييدها ودعمها له، واعتبر هذا الموقف «رداً متقدماً على جريمة قتل المتضامنين المشاركين في أسطول الحرية وحصار غزة». كذلك رحّب بإعلان رئيس الوزراء التركي نيته زيارة غزة.
من جهته، وصف رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في غزة، جمال الخضري، الزيارة المتوقعة لأردوغان إلى قطاع غزة، إذا حصلت، بالتاريخية والمؤثرة في تاريخ القضية الفلسطينية ودعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع. ورأى أن الزيارة المرتقبة «ضربة قوية للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ قرابة 4 أعوام».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)