جاء دور المسؤولين الإسرائيليين للرد على تلويح أنقرة بفرض المزيد من العقوبات على الدولة العبرية، مع وساطة جديدة تقوم بها وزارة الخارجية الأميركية بين الدولتين؛ إذ كشفت مصادر أميركية رفيعة المستوى في وزارة الخارجية عن أنّ واشنطن استنفرت جهودها فور اتخاذ أنقرة عقوباتها بحق تل أبيب، وذلك للحؤول دون حصول المزيد من التدهور في العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية إثر تهديد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان باتخاذ المزيد من العقوبات بحق الدولة العبرية. وبحسب وكالة «أسوشييتد برس»، فإنّ وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هي من بين الدبلوماسيين الأميركيين الذين يعملون على خط أنقرة ــ تل أبيب لـ«تنفيس الأزمة»، وذلك ترجمةً لما أعلنته المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند عن أنّ «واشنطن لا تزال مؤمنة بأنّ إرساء علاقات إيجابية بين الدولتين هو من مصلحة كليهما، لذلك نحن قلقون على المستوى الذي وصلت إليه علاقاتهما اليوم». وبحسب مصادر الوكالة المذكورة، تحدثت كلينتون مع نظيرها التركي أحمد داوود أوغلو في الموضوع، بينما قام الدبلوماسيان الأميركيان المتخصصان بشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل ودينيس روس بالاتصال بالمسؤولين الإسرائيليين أول من أمس، علماً بأن جزءاً من القلق الأميركي ينبع من تخوُّف حصول «صدامات مستقبلية» بين تركيا وإسرائيل.
غير أن المساعي الأميركية لم تحُل دون صدور كلام ناري جديد من «صقور» حكام الدولة العبرية، أمس، ممثَّلين هذه المرة بوزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، الذي اتهم أردوغان بأنه «صديق حركة حماس وإيران». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن يعلون، الذي شارك في المفاوضات التي امتدت طوال العام الماضي بين البلدين للتوصل إلى صيغة اتفاق على مضمون تقرير «لجنة بالمر»، أن حادثة «أسطول الحرية» كانت نتيجة لـ«الاستفزاز التركي الواضح. حاولنا حل الأزمة، ولكن الأتراك يصعّدون ضدنا». تحدٍّ أعلى نبرةً أعرب عنه وزير المواصلات، إسرائيل كاتس، الذي جدد التشديد على أن حكومته «لن تقدم أي اعتذارات لتركيا وستظل تدافع
عن مصالحها وستواصل حصارها البحري على قطاع غزة لمنع نقل الاسلحة لارهابيي حماس». تصعيد قابلته لهجة مشابهة لأردوغان الذي اتهم إسرائيل بأنها تفتقر إلى «مبادئ الأخلاق التجارية» في الصفقات العسكرية بين البلدين وأوضح اردوغان أنه «على سبيل المثال، فقد جرى شراء طائرات بدون طيار، ثم أُعيدت لإجراء مزيد من الصيانة لها. ولا يزال الإسرائيليون يؤخرون تسليمها. هل هذا أخلاقي؟». ورفض أردوغان التعليق على «الخطة ج» للحكومة التركية في عقوباتها على إسرائيل، انطلاقاً من مبدأ أنه «إذا أعلنّا خطواتنا الجديدة، فإن الاستراتيجية ستفقد معناها».
أما زعيمة المعارضة، رئيسة حزب «كاديما»، تسيبي ليفني، فحمّلت مسؤولية «تدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل» إلى «تعطُّل عملية السلام مع الفلسطينيين». وقالت ليفني إن «تركيا تشعر بأن إسرائيل معزولة وضعيفة وأن علاقاتها متأزمة مع الولايات المتحدة، ولم تكن تركيا لتتصرف على هذا النحو لو أن عملية السلام مع الفلسطينيين لم
تتعطل».
على صعيد متّصل، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن شركة طيران «العال» الإسرائيلية أعدّت خططاً للطوارئ قد تتناول إمكان شروع تركيا في منع الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق المجال الجوي للأراضي التركية، كاشفةً عن شروع خطوط الطيران التركية بتقليص عدد مسار رحلاتها الأسبوعية من إسرائيل وإلىها. أما عن «خطط الطوارئ» التي طورتها شركة الطيران الإسرائيلية في حال إغلاق المجال الجوي التركي أمام خطوط الطيران الإسرائيلية، فأشارت «هآرتس» إلى احتمال أن يتطلب ذلك تسيير «العال» رحلاتها الجوية لمسارات ومسافات أطول، وخاصة فى الشرق الأقصى،
من بينها رحلات إلى الصين وتايلاند وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، بالإضافة إلى الإزعاج الذى قد يسببه طول الرحلات بالنسبة إلى المسافرين، وهو ما يستلزم استهلاك طائرات شركات الطيران لمزيد من الوقود، وبالتالي التسبب بنفقات أكثر.
(سما، أ ب، يو بي آي، أ ف ب)