استهلّ رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، زيارته التونسية، أمس، على النسق الذي اعتمده في مصر طيلة الأيام الثلاثة الماضية: نصف الكلام لمهاجمة إسرائيل، والنصف الآخر عن «تونس الغد» بلغة السجال القائم حالياً في جميع الدول التي نجحت فيها الثورات العربية، من حيث الأسئلة الصعبة عن دولة علمانية أو دينية، والمكانة التي يجب أن يحجزها الإسلام لنفسه في التنظيم المستقبلي للدولة. وعقب وصوله إلى مطار تونس الدولي، آتياً من مصر، أشار أردوغان إلى أن «الإسلام والديموقراطية لا يتعارضان، والمسلم قادر على قيادة الدولة بنجاح كبير». وتابع إن «نجاح العملية الانتخابية في تونس (التي ستجرى في 23 تشرين الأول المقبل) سيؤكد أن الديموقراطية والإسلام يمكن أن يسيرا معاً». وذكّر بأن «99 في المئة من شعب تركيا من المسلمين، لكنها دولة ديموقراطية علمانية حيث تحظى جميع الأديان بالمكانة نفسها. فالمسلم والمسيحي واليهودي متساوون في دولة علمانية». وكان أردوغان قد وصل إلى المطار، حيث كان في استقباله عدد كبير من المسؤولين وقادة الأحزاب، تقدّمهم زعيم حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، الذي يجاهر بانتماء حركته إلى النموذج الإسلامي التركي. وعصر أمس، كان قادة «النهضة» أول جهة غير رسمية تلتقي أردوغان.
على صعيد آخر، قال رئيس الوزراء التركي إن إسرائيل «لا تستطيع أن تفعل ما يحلو لها في شرق البحر المتوسط»، كاشفاً أن السفن الحربية التركية يمكن أن تنتشر هناك «في أي لحظة». كلام أدلى به أردوغان في مؤتمر صحافي فور وصوله إلى تونس العاصمة، متوعداً إسرائيل بالقول «سيرون ماذا ستكون قراراتنا بهذا الصدد، والسفن الهجومية لقواتنا البحرية يمكن أن تكون هناك (في مياه المتوسط) في أي لحظة». وفي ترجمة وكالة الأنباء الفرنسية لكلامه، عقب لقائه نظيره التونسي الباجي قائد السبسي، أوضح أردوغان أن سفناً حربية تركية «سترافق أي سفن تنقل مساعدات إلى قطاع غزة»، مشدِّداً على أنه «سترون سفناً حربية تركية في هذا البحر». وكرر موقف حكومته الذي يفيد بأن «العلاقات لن تعود إلى طبيعتها مع إسرائيل، ما لم تقدّم اعتذاراً عن الهجوم على الأسطول (الحرية) وتعويضاً الى أسر الضحايا وترفع الحصار عن غزة».
وفي سياق متصل، دخلت قبرص على خط الأزمة التركية ـــــ الإسرائيلية، مثلما كان متوقعاً، حين هدّدت أنقرة بالتوقيع على اتفاقية للغاز مع شمال قبرص، إذا مضت قبرص في خططها التنقيب عن الغاز، وهو ما باتت قادرة على القيام به بعد توقيعها اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع الدولة العبرية قبل أشهر. وجاء إعلان وزارة الخارجية التركية بعد اجتماع فني عقد في الوزارة، حضره وفد من «جمهورية شمال قبرص التركية». وقال بيان للوزارة «أدى الاجتماع الى اتفاق على أن تعقد تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية اتفاقاً لترسيم حدود الجرف القاري، إذا مضت الإدارة القبرصية اليونانية في أنشطة التنقيب البحري في جنوب الجزيرة». ومن شأن التوقيع على تلك الاتفاقية، بحسب مصادر دبلوماسية تركية، تحديد أي مناطق في شرقي البحر المتوسط تتمكن تركيا وشمال قبرص من التنقيب فيها.
وتقول الجمهورية القبرصية (اليونانية) إن البحوث الهيدروكربونية ستفيد القبارصة كافة، بالتعاون بين الجمهورية القبرصية وإسرائيل. تحذيرات تركية ردّ عليها الرئيس القبرصي ديمتري خريستوفياس بقوله «وجهت تركيا أخيراً تهديدات لبلدنا وشركائه في موضوع استخراج الغاز الطبيعي، وهي تثير توترات في المنطقة وتتبنى سلوكاً إجرامياً عبر انتهاك المعايير الدولية»، علماً بأن من المقرر أن تبدأ شركة «نوبل» الأميركية أعمال الحفر بداية من مطلع تشرين الأول المقبل. وكانت تقارير إعلامية تركية قد كشفت أن أنقرة تعدّ لبدء تطبيق «الخطة ج» في إطار تصعيدها ضد إسرائيل، تتضمن، من ضمن ما تتضمنه، البدء بالتنقيب عن النفط في المياه المتوسطية مع قبرص التركية، وتحديداً في الأماكن التي تنوي إسرائيل وقبرص اليونانية التنقيب فيها.
(أ ب، أ ف ب، الأخبار،
رويترز، يو بي آي)