تركيا تستعدّ لفرض عقوباتها على سوريا

توزّعت الأنظار المتجهة إلى الملف السوري ما بين نيويورك والمدن السورية، بينما سجّل المعارض هيثم المالح أول دعوة علنية لتدخُّل عسكري أطلسي في سوريا
عاد عنوان العقوبات ليفرض نفسه على المشهد السوري، أمس، وذلك على عدة جبهات تركية وأوروبية وأميركية. كلام ظلت موسكو بعيدة عنه بما أن لديها مشروع قرار خاصاً بها بشأن سوريا. وبين هذا وذاك، أُضيف 8 قتلى إلى حصيلة ضحايا العنف في البلاد، مع ظهور مولود جديد على الساحة قد يزيد من حدّة الأزمة، وهو «منظمة شباب الوطن» الذي كشفت وسائل إعلام مقرّبة من النظام أنه تنظيم موالٍ سيعمل على «وقف التظاهرات» و«مواجهة المخرّبين».

في غضون ذلك، سجّل المعارض والحقوقي السوري هيثم المالح دعوةً علنية هي الأولى من نوعها لشخصية معارضة بارزة، طالب فيها بتدخل المجتمع الدولي عسكرياً لحماية الشعب السوري من نظامه، وذلك في شهادته أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولم يتمالك المالح نفسه عن البكاء أثناء كلمته في مجلس حقوق الإنسان وهو يذكر عدد الضحايا الذين سقطوا منذ بداية الأحداث في سوريا، متسائلاً: «كم من القتلى يجب أن يسقط حتى يتحرك العالم لإيقاف مجازر النظام السوري ضد شعبه؟». وفي تصريح إلى موقع «الجزيرة نت»، قال المالح إن «مثل هذه المذابح يصنّفها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة تحت البند السابع. وبناءً عليه، من أجل حماية الشعب السوري، أدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التدخل عسكرياً ضد النظام السوري، نعم التدخل عسكرياً عبر حلف شمالي الأطلسي مثلاً، فهذا النظام بصدد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وضد شعبه، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤوليته في حماية الشعب السوري بأي طريقة يراها». وتابع المالح «كان لدينا موقف حاسم يتمثل في رفضنا للتدخل العسكري في سوريا، ولكن من حق الشعب السوري أن يلجأ إلى المنظمات الدولية والأمم المتحدة من أجل حماية نفسه من المذابح التي يرتكبها النظام».
وكان لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فصل جديد من المواقف إزاء دمشق، فأعلن من نيويورك أن بلاده علّقت محادثاتها مع سوريا، وتستعدّ لفرض عقوبات على النظام السوري. وقال للصحافيين الأتراك الذين يرافقونه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عقب اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، «أوقفتُ المحادثات مع الحكومة السورية. لم أرد بلوغ هذه النقطة، لكن الحكومة السورية اضطرتنا إلى اتخاذ مثل هذا القرار». وأضاف «فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سوريا، وسيعمل وزيرا خارجية البلدين (الأميركي والتركي) معاً لتحديد العقوبات التي قد نفرضها». ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أردوغان إشارته إلى أنه «نتيجة لهذا التعاون، قد لا تكون العقوبات مشابهة للعقوبات التي فرضت على ليبيا، فهي تختلف باختلاف الدولة والشعب والتركيبة السكانية، لذا فإن العقوبات على سوريا ستكون مختلفة، ولدينا دراسات أوّلية للأمر». وفيما كرر موقفه من أن أنقرة «ليس لديها أدنى ثقة بالحكومة السورية الحالية»، عاد ليتّهم دمشق بشنّ «دعاية سوداء ضد تركيا».
وكان أوباما وأردوغان قد اتفقا خلال لقائهما على «الحاجة إلى مزيد من الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد الذي حاول نظامه قمع التظاهرات الحاصلة في سوريا منذ أشهر»، على حدّ تعبير المستشارة في البيت الأبيض للشؤون الأوروبية ليز شيروود راندال. وأضافت «من الجدير ذكره أننا على خط مستقيم في تقويماتنا للوضع في سوريا».
على صعيد متصل بالعقوبات المفروضة على سوريا أيضاً، قررت حكومات الاتحاد الأوروبي منع الشركات الأوروبية من القيام باستثمارات جديدة في قطاع النفط في سوريا، مضيفةً كيانات جديدة وشخصَين إلى قائمة العقوبات المفروضة سابقاً. ولفت مسؤول في الاتحاد الأوروبي إلى أن هذه العقوبات ستصبح نافذة المفعول يوم السبت المقبل إذا وافقت عليها الدول الـ27 رسمياً يوم الجمعة، وهي التي تتضمن أيضاً حظراً على تسليم أوراق نقدية سورية وعملات معدنية يجري إنتاجها في الاتحاد الأوروبي. وشدد دبلوماسيون أوروبيون على أن شركة الاتصالات الخلوية «سيرياتل» هي من بين الشركات المستهدفة برزمة العقوبات الجديدة، لكنهم أحجموا عن تحديد شركات أخرى بالاسم. وستشمل العقوبات منع السفر وتجميد أصول هذه الكيانات والأشخاص، ومنع شركات الاتحاد الأوروبي من ممارسة أنشطة أعمال معهم. وكشف الدبلوماسيون أنفسهم أنه جرى التخلي عن خطط لإدراج بنك سوري كبير في قائمة العقوبات، نظراً إلى المخاوف من تضرُّر شركات عادية وأفراد، حيث ستتضاءل فرص حصولهم على تمويل إذا استُهدفت مصادر تمويل الحكومة.
وفي الجبهة الحليفة لدمشق، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو مستعدة لدعم قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، معرباً عن اقتناع بلاده بأن سعي بعض الدول للتركيز على العقوبات لدى بحث القضية السورية غير صحيح. وتابع: «نحن لسنا فقط على استعداد لدعم قرار بشأن سوريا، بل لدينا مشروع قرار خاص بنا.
ميدانياً، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن 8 أشخاص قُتلوا أمس على أيدي القوات الأمنية في حمص والرستن، إضافة إلى تسلُّم عائلة جثمان مواطن من جبل الزاوية في محافظة إدلب كان قيد الاعتقال منذ يوم الخميس الماضي، بالتزامن مع «اعتقال 3 جرحى من مستشفى خاص في جبل الزاوية، إضافة إلى المحامي والناشط الحقوقي البارز عماد الدروبي، واقتادتهم إلى جهة مجهولة، وهو ما حصل مع 5 طلاب في مدينة بانياس».
وفي تطور بارز وقد يكون خطيراً، أورد موقع «شام برس» نبأً عن قيام مجموعة شباب موالين تُدعى «بصمة سورية» بإعلان «منظمة شباب الوطن»، محددةً أهدافها بـ«وقف التظاهرات، ومواجهة المحرضين، وتنظيم حماية وأمن المناطق التي يطهّرها الجيش والأمن من المسلحين، والتواصل مع قوى المعارضة بكافة أطيافها والحوار معها للوصول إلى برنامج إصلاحي توافقي يلبّي تطلعات كافة أطياف المجتمع السوري». وبرّرت المجموعة تنظيمها باعتبار أن «المواجهة على المواقع الإلكترونية لم تعد مجدية، بعدما تحوّلت التظاهرات السلمية إلى مسلحة، وكشف المتظاهرون عن حقيقتهم وارتباطاتهم بأعداء سوريا لتحقيق الفوضى وإشعال الفتن الطائفية وقتل المواطنين على الهوية»، متوعّدةً «الخونة وذويهم بالثأر والانتقام لدماء الشهداء».
(الأخبار، أ ف ب. يو بي آي، رويترز)