صدر تقرير عن مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة الأميركية أكّد انخفاض معدل الجرائم العنيفة في أميركا بنسبة ستة في المئة، مقارنة بنسب الجرائم المسجّلة لعام 2009. يشير ذلك إلى استمرار انخفاض معدل الجرائم في أميركا للسنة الخامسة على التوالي، أي منذ 2006، وخصوصاً جرائم القتل والاغتصاب والاعتداء الذي يؤدي إلى أذى جسدي (aggravated assault) وسرقة السيارات. ولفت التقرير إلى أن مجموع الجرائم التي ارتكبت في الولايات المتحدة عام 2010 يزيد على عشرة ملايين وثلاثمئة ألف جريمة. وتفوق نسبة جرائم الاعتداء نسب الجرائم الأخرى؛ إذ تمثّل نحو 62 في المئة من مجموع الجرائم العنيفة، رغم انخفاضها بنسبة 4 في المئة عن 2009. وسُجّل استخدام الأسلحة النارية في 67 في المئة من جرائم القتل وفي 41 في المئة من مجموع جرائم السرقة و20 في المئة من الاعتداءات.
ارتكبت في الولايات المتحدة خلال العام الفائت 84767 جريمة اغتصاب، ما يمثّل معدّل 54 ضحية اغتصاب لكلّ 100 ألف امرأة أميركية.
وأجريت عملية حسابية لمجموع قيمة المسروقات المسجّلة في محاضر مؤسسات الضابطة العدلية في أميركا خلال 2010 في الولايات المتحدة الأميركية، فوصلت إلى ما يزيد على 15 مليار دولار ونصف. أما مجموع السيارات التي سرقت خلال العام الفائت فوصل إلى أكثر من 737 ألف سيارة بحسب تقرير مكتب التحقيقات الفدرالي، وذلك رغم انخفاضها بنسبة سبعة في المئة عن السرقات المسجلة عام 2009.
أما الموقوفون، فوصل عددهم إلى 13 مليون مشتبه فيه، مثّلت نسبة الذكور 74 في المئة منهم. ومن بين الموقوفين نحو مليون ونصف في جرائم تعاطي المخدرات ومليون وأربعمئة ألف في جرائم قيادة السيارة أو آلية في حالة السكر، ومليون ومئتي ألف موقوف في جرائم السرقة. وفي بحث معمّق لأعداد الموقوفين، يتبين أن عددهم يصل إلى 4 آلاف ومئتين وخمسين من كلّ مئة ألف مواطن أميركي خلال 2010.
وهناك وجهتا نظر في الولايات المتحدة بشأن الأسباب التي أدت إلى انخفاض معدل الجرائم العنيفة. ترتكز الوجهة الأولى التي يتبناها الباحثون المحافظون المقربون من الحزب الجمهوري على النقاط الآتية: إن زيادة أعداد عناصر الشرطة وتطوّر أساليب الملاحقة والتعقّب أسهما أساساً في ردع المجرمين. إن ارتفاع عدد السجناء بثلاثة أضعاف منذ تسعينيات القرن الماضي منع من تكرار بعض الجرائم، وخصوصاً الجرائم العنيفة. أسهم تطوّر أساليب المراقبة والحماية من خلال تكنولوجيا الكاميرات والإنذار في منع حصول العديد من الجرائم. وأسهمت العودة إلى الترابط العائلي وإعادة إحياء القيم الاجتماعية، وخصوصاً بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في انخفاض مستوى الجريمة في أميركا.
أما وجهة نظر الباحثين الليبراليين المقربين من الحزب الديموقراطي فترتكز على أن انخفاض نسبة تسجيل الجرائم لدى الضابطة العدلية يفسّر جزئياً الادعاء بانخفاض معدلات الجريمة، فالعديد من الأميركيين لا يثقون بالضابطة العدلية ولا يلجأون إلى الشرطة للتبليغ عن جرائم. كذلك، إن ارتفاع نسبة الفساد في مؤسسات الضابطة العدلية يؤدي إلى عدم الملاحقة الجدية للمشتبه فيهم بارتكاب الجرائم وإلى انخفاض عدد الموقوفين، ما يفسّر خطأً بانخفاض معدلات الجريمة. كذلك إن وصول الديموقراطي الأسود باراك أوباما إلى سدة رئاسة الجمهورية مثّل عنصر اطمئنان للأميركيين عموماً، وأدى إلى زيادة البرامج الاجتماعية، وخصوصاً لجهة تطوّر الخدمات الصحية، وأسهم ذلك في انخفاض معدلات الجريمة.
لكن معظم الباحثين في علم الجريمة يقلّلون من قيمة هذه التحليلات؛ لأنهم يرونها تعميمات غير صالحة علمياً، حيث إن القوانين وممارسات الشرطة تختلف بين الولايات الـ52، وإن خصوصيات الجرائم المدينية تختلف كذلك عن خصوصيات جرائم الريف، وبالتالي إن استخلاص العبر قد لا يصحّ.
وأما المنهجية التي اعتمدها مكتب التحقيقات الفدرالي، فترتكز على إحصاء معدلات الجرائم المسجلة من قبل نحو 18 ألف ضابطة عدلية في المدن والقرى والولايات الأميركية خلال 2010. وجرى التركيز على احتساب معدل جرائم السرقات المسلحة والاعتداء والنشل والحريق المقصود وسرقة السيارات والقتل المتعمّد، حيث سجّل انخفاض متفاوت في جميع هذه الفئات الجرمية، غير أن نسب جرائم السرقة المسلحة سجّلت الانخفاض الأكبر ووصلت إلى أكثر من 10 في المئة في معظم الولايات الأميركية. أما سرقة السيارات فبلغ انخفاض معدلها نحو 8 في المئة.
وفي بيان رسمي صدر أول من أمس، علّق مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي روبرت مولر على نتائج التقرير، قائلاً إنه «يقدم نظرة معمقة إلى طبيعة الجرائم وحجمها»، مضيفاً أن نتائج التقرير «مفيدة للخبراء بهدف تطوير منهجيات محاربة الجريمة».