اسطنبول | حُسم الأمر: رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، المعروف بشخصيته العاطفية التي لا يتردد في ترجمتها في خطاباته وتصريحاته، سيعلن يوم الأحد المقبل، «السياسة السورية الجديدة» التي ستكون العقوبات عنوانها، وذلك خلال زيارته مخيمات اللاجئين السوريين في محافظة هاتاي المحاذية للحدود السورية.
وبحسب بعض المحللين كسيدات لاشينر، المحلل في «المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية»، الكاتب في صحيفة «ستار» المعروفة بقربها من الحكومة، فإنّ إعلان يوم الأحد سيكون «ترجمةً لازدهار الثقة التركية بالنفس».
غير أنّ آخرين يرون أنّ هذه السياسة التركية الجديدة تجاه سوريا ليست سوى انعكاس لخيبة الأمل العميقة التي يشعر بها أردوغان شخصياً من صديقه الحميم في السابق، الرئيس بشار الأسد، الذي يقول مقربون من دوائر صناعة القرار في أنقرة إنه أدار ظهره للصداقة التي بنيت على أساس الثقة مع أردوغان، ورفض الاستماع لنصائحه «الأخوية»، السرية منها والعلنية، وذلك لفترة طويلة بدأت قبل اندلاع الأحداث في سوريا ذات آذار 2011. وأردوغان اليوم لا يخفي خيبة أمله تلك، لذلك يذكّر بمناسبة أو من دونها، بمدى عمق صداقته السابقة مع الأسد.
آخر مرة تحدث فيها بعاطفية عن الرئيس السوري كانت قبل يومين في جنوب أفريقيا، عندما قال «كانت لدينا صداقة قوية جداً ومتقدمة مع الأسد. لقد تحدثت معه كثيراً حول مسار التحول الديموقراطي، غير أن الصداقة يجب أن تستمرّ على أسس المبادئ، وإذا تم تجاوز هذه المبادئ، فحينها تسقط الصداقة». لكن بالعودة إلى ما قبل منتصف آذار، كانت الصداقة بين «آل أردوغان» و«آل الأسد» حميمة للغاية، إلى حدّ أنّ أنقرة لم تكن تخفي فخرها بأن رئيس حكومتها والرئيس السوري كانا يمضيان إجازاتهما معاً في تركيا. العامل الشخصي الذي يبرر جزءاً من تصعيد تركيا ضد دمشق، اعترف به أردوغان أخيراً في مقابلته مع قناة «سي أن أن» الأميركية، عندما كشف أنّه نصح الأسد بكيفية تطبيق الاصلاحات، وكيف أنه فوجئ واستاء كثيراً لأن الرئيس السوري لم يستمع لنصائحه. وفي المقابلة نفسها، لا يخفي المسؤول التركي أنّ في أسباب المواقف عالية النبرة لأنقرة ضد دمشق، هناك حيّزاً كبيراً لـ«الزعل» الشخصي، تحديداً في قول أردوغان إنه حاول طويلاً أن يبقى صبوراً «لكنني في النهاية فقدتُ صبري». ووصل الأمر بأردوغان إلى طرح مقارنة بين الرئيس بشار الأسد وبين والده الراحل حافظ من جهة، وبين أحداث سوريا اليوم وتلك الذكريات الدموية التي حدثت قبل نحو عقدين من جهة ثانية، مشيراً إلى أن «القتل الذي حصل في حمص وحماه على يد والده (حافظ الأسد) في السابق، يتكرر اليوم، ولم أكن أتوقع أن يحدث ذلك نهائياً، وسلوك الرئيس الحالي جعل تركيا حزينة للغاية». ولأنّ العاطفية و«الانسانية» مكوِّن أساسي من المكونات التي تجعل من أردوغان زعيماً عالمياً اليوم، فقد أوضح أنّ «الموقف الجديد لتركيا لا يرتبط بأي مصالح، بل هو مبني على معايير وهموم انسانية». وعن هذا الموضوع، تعرب الاعلامية في تلفزيون «هابرتورك»، المحللة السياسية سيدة كاران، لـ«الأخبار»، عن استيائها من الطريقة التي أدار فيها أردوغان مواقف بلاده من سوريا على أسس شخصية، بما أنّ «توقُّع إصلاحات في وقت قصير أمر غير واقعي أبداً، وتركيا أكثر دولة تدرك حقيقة أنّ تطبيق إصلاحات في ظلّ وجود حركة مسلَّحة أمر مستحيل»، في إشارة إلى القضية الكردية.
في المقابل، تجزم كاران بأنه «بالطبع، ليس على تركيا دعم نظام الأسد، لكن كان عليها إبقاء خطوط الحوار مع دمشق مفتوحة لمساعدتها على تطبيق الاصلاحات، خصوصاً في مجال الاقتصاد».
وبالعودة إلى الموقف التركي الرسمي، فإنّ العقوبات المرتقب البدء بالاعلان عنها يوم الأحد المقبل من هاتاي، ستأتي «عقوبة تلو أخرى، لا دفعة واحدة»، على حد تعبير أردوغان. هي هاتاي نفسها التي دخلت المناورات العسكرية والمدنية التركية فيها يومها الثالث «بناءً على سيناريوهات تحاكي امكانية حصول حرب لمعرفة كيفية تنسيق الجهود العسكرية والمدنية»، على حد ما جاء في بيان الجيش التركي الذي لا يرجَّح أنه كان يقصد حرباً إلا مع (أو في) سوريا. لذلك، لم تقتصر المشاركة في المناورات على الأجهزة الأمنية، بل يشارك فيها نحو 600 مدنيّ.
وعن قراءته للسياسة التركية إزاء سوريا، يرى لاشينر أنّها تعكس بعض التغير الطارئ على «الشخصية التركية» أخيراً، إذ إن تركيا تعيش حالياً «تضخُّماً في الثقة بالنفس»، أساسه اقتصادي، يضاف إليه أن انقرة لم تعد تعاني من أزمة هوية، وبالتالي باتت قادرة على التأقلم مع المتغيرات الاقليمية والدولية. ويلفت لاشينر إلى أن السياسة الخارجية التركية، «وخلال مرحلة تحوّلها، انتقلت من إطار الدبلوماسية الواقعية إلى حيّز السياسة الخارجية المثاليّة».
ويشرح كلامه بأنه «في الماضي، لم تكن معايير الديموقراطية للأنظمة المجاورة لتركيا أساسية في تحديد دبلوماسية أنقرة إزاء العواصم الجارة، لكن اليوم باتت حقوق الانسان والديموقراطية أساسية في الدبلوماسية التركية. من هنا يبرر لاشينر لماذا لم تعد أنقرة تتردد في التدخل بالشؤون الداخلية لجيرانها بعكس ما كان يحصل في الماضي القريب.
حتى اليوم، لا تبدو واضحة للمحللين ماهيّة العقوبات التركية الجديدة التي ستعلن قريباً ضد دمشق. لكن مع إعلان أردوغان «السياسة التركية الجديدة إزاء سوريا» يوم الأحد، سيتّضح فعلاً ما إذا كانت دبلوماسية أنقرة ستعتمد مبادئ الواقعية السياسية المصلحية، أو تلك المثالية الأخلاقية.
وفي السياق، يشير محلل سياسي آخر هو سولي أوزيل، في حديث مع «الأخبار»، إلى أنّ «هذه السياسة التركية الجديدة تجاه سوريا ستأخذ وقتاً لتتضح نتائجها، وقبل ظهور هذه النتائج، لن نكون قادرين على معرفة إن كانت سياسة أردوغان إزاء دمشق صائبة أو أنه كان يخوض مغامرة كثيرة المخاطر».
7 تعليق
التعليقات
-
ما ذا يريد أردوغاندخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة وهي الأصعب تثبت لكل من يملك عقلا إن المقصود ليس الحرية وليس الديمقراطية بل شيء آخر تماما... أردوغان يريد أن يقدم نفسه زعيما للعثمانية السنية مقابل الفارسية الشيعية والأميركيون يريدون أن يضمنوا تدفق النفط وإخراج نفسهم من أزمة الاقتصاد والأوروبيون لا يريدون سوى أن يقضموا جزءا لا بأس به من الكعكة وكل على حساب المواطن العادي سواء أكان مع النظام السوري أو ضده.. قد يقول قائل ومنهم محررو الأخبار والجزيرة والعربية هذه لغة خشبية مللنا سماعها لكن صبرا يا أهل الإعلام يا من توظفون اللغة لتزوير الحقائق عودوا إلى مقالة روبرت كابلان قبل عام ونصف عن فوضى الجغرافية وأقرأوا ما بين السطور..عودوا إلى كتابات برنار ليفي وأقرأوها بشكل عادي لأن ما فيها أوضح من أن يخبأه غلاف... تذكروا كلامي جيدا اليوم بدأ الفصل الثاني من الحرب العالمية الثالثة لأن فصلها الأول بدأ في العراق وأفغانستان وطوبى لمن يقرأ كلام الله ويتعظ تذكروا جيدا وتمسكوا فالإعصار المقبل لن يبقى على أحد وطوبى للإعلام في عصر الديمقراطيات القادم الذي سيتحول إلى صفحات للبورنو وسجل يا حسين قالولوه
-
الانتفاضةالانتفاضة في اليمن والبحرين والسعودية و.. خيانة وفي سورية جهاد رغم ان الواقع يقول العكس تماما .سورية هي الدولة الوحيدة التي وقفت في وجه اسرائيل في المنطقة.. كيف يعقل ان يكون شرق السعودية ممتلئا بالنفط وسكانه يعيشون الفقر والحرمان..استحيي حين أرى بعض الصور من هناك..البوادي المغربية احسن منها ..ومع ذلك اذا طالب واحد بحقه الطبيعي يقولون فتنة و....في سورية على الاقل دستور وفي السعودية لا وجود لدستور في سورية مكانة جليلة للمرأة وفي السعودية لا تستطيع حتى قيادة السيارة
-
واذا أتتك مذمتي من ناقص...واذا أتتك مذمتي من ناقص...
-
فعلا مسخرةتركيا انهت مشاكلها مع الاكراد واقرت خطة لاعطائهم حكم ذاتي وتنمية مناطقهم واعادة اعمار 5000 قرية دمرت بلحظة غضب وكذلك تخلصت من سطوة مجلسها العسكري ومن قدرته الدائمة على تصحبح مسار (الديمقراطبة)بواسطة الانقلاب"طبعا مسخرة"0 مملكة آل سعود وبعد ان انهت لمساتها الاخيرة لتصبح جمهورية واقلها ملكية دستورية وانهت نشر دين الاسلام السمح والوسطي في افغانستان وباكستان والشيشان وفتح الاسلام واحياء باب السباع وحماه"طبعا مسخرة"0الآن سورية "آخر الديكتاتوريات "لم تستجب لنصائح اخوتها واشقاؤها وهذا ماسبب غضبا للديمقراطيات التي تحيط بسوريا لأن على سوريا ان تختار ان تكون ديمقراطية مذهبية(لبنان)اوديمقراطية عسكرية اخوانية(تركيا)اوديمقراطية الاردن و الافضل طبعا الديمقراطية الاميركية المجاورة(العراق)0هم زعلانين والزعلان يحرد ويدير ظهره ولكنهم زعلوا وارسلوا السلاح نصبوا المخيمات التي تنتهك بها اعراض (حرائر سورية)و اعلنوها حربا اعلامية مجردة من اسس واخلاق المهنة0صحيح راية الديمقراطية ليست خفاقة في سوريا لكن اقلها المعارضون السلميون يدخلون السجون والاهم يخرجون ويطالبون باءسقاط النظام من قلب دمشق,رغم السرقات والفساد مديونية الدولة الخارجية هي صفر(0)التعليم مجاني وكذلك الصحة,قرارنا الخارجي سيادي , وأقلها نبقي فكرة المقاومة حية0 ماكانت شعارات المحتجين,رفع علم اسرائبل في خالدية حمص وتمزيق اعلام حزب الله ورفع اعلام السعودية ولبيك يا عرعور " فعلا يا جماعة مسخرة " 0
-
المعيار المزدوجفليعتزر السيد أردوغان عن مجازر الأرمن التي تعبر أصدق تعبير عن همجية الأتراك , و ليكف عن قصف شمال العراق و ليوقف قتل أبناء الشعب الكردي في جنوب تركيا و ليخرج من لواء الاسكندرون ومن ثم ليفسر لنا صورته مع أكبر ارهابيي العالم, عندها و فقط عندها قد نزيل عنه صفة النفاق.
-
قطعتيلي قلبيشو قصة الاخبار من فترة وجاية الاخبار عندها مناحة وبكي وعواطف وسرد . يا خبر يا مناحة قرروا .