لندن | تُشغَل الدول الأوروبية في هذه الأثناء بأزمتها المالية. فعلاوة على الاستقالات التي طاولت أعلى المستويات في إيطاليا واليونان، تشهد الميادين في دول غرب أوروبا أيضاً حراكاً مناهضاً للسياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومات. فمن ينظر إلى العاصمة البريطانية لندن في هذه الاثناء، يجد أنَّ حركتي احتجاج تسيران في زمن واحد، أولاهما بدأت قبل عدّة أسابيع، حين افترش مئات النشطاء ساحة كاتدرائية «سانت بول» مناهضةً للرأسمالية و«جشع الشركات»، بينما شهدت الشوارع المركزية للندن أمس تظاهرة شارك فيها الآلاف احتجاجاً على السياسة الحكومية في ما يتعلق بالمرافق التعليمية ورفع أسعار أقساط التعليم. قضية تفاقمت في الآونة الأخيرة وسط تصميم حكومة ديفيد كاميرون السير في طريق التقليصات والخصخصة. ورأى أحد الطلاب المشاركين في المسيرة أن ما يجري في العاصمة البريطانية من تقليصات هو «خلل في المسيرة الديموقراطية»، معدداً أن حكومة المحافظين والليبراليين الديموقراطيين، «ضاعفت الأقساط بثلاث مرات وألغت المعونات الأسبوعية، ما لا يساهم في خلق شارع متعلم». وانطلقت المسيرة ظهر أمس من مركز لندن، حيث شارك فيها طلاب من كافة الجامعات البريطانية. وسارت إلى مكان على مقربة من كاتدرائية سانت بول حيث «يحتل» ناشطون ساحة الكاتدرائية القريبة من بورصة لندن. وقد اكتسبت هذه التظاهرة زخماً في الإعلام البريطاني، وخصوصاً أن الشرطة البريطانية استعدت بأربعة آلاف شرطي انتشروا على طول المسيرة ومشوا في مقدمتها تحسباً من أي طارئ وسط إمكان استعمالهم الرصاص المطاطي إذا استدعت الحاجة. خطوة عدّها الطلاب «تهديداً» و«عودةً إلى العصور الوسطى»، فيما قالت أوساط أخرى إنَّ اتباع الشرطة هذه الاستعدادت الكبيرة نابع من أنَّ مسيرتي الطلاب خلال العام الماضي شهدتا أعمال عنف ومواجهات.
ورأى عدد من وسائل الإعلام البريطانية أن تظاهرة أمس هي «الامتحان الأكبر» للشرطة منذ اندلاع ما وصفته الحكومة بـ«أعمال الشغب» خلال الصيف الماضي، حين أحرقت مجموعات من الشباب في عدد من أحياء العاصمة البريطانية محالّ تجارية وعطلت مرافق عديدة وسرقت من بعض المحال التجارية. ولا تزال محاكمة بعض المتورطين سارية حتى اليوم.
بموازاة ما شهدته العاصمة من احتجاجات طلابية، قرّر عدد من الشبان نصب خيام في منطقة «ترافلغار سكوير»، وهي منطقة سياحية أخرى في العاصمة البريطانية. وقال أحد المعتصمين إنّ الهدف هو الاعتصام من أجل «التعبئة ليوم الثلاثين من نوفمبر (حيث تقرر تنفيذ إضراب في هذا اليوم)»، مضيفاً أن الاعتصام يأتي أيضاً من أجل «جلب الناس من كافة طبقات المجتمع، من الطبقة العاملة ولجان العمال والشباب. نريد الـ 99 في المئة من الناس»، إلا أن الشرطة قد أخلت المحتجين الذين أعلنوا أنّهم جزء من حركة «احتلال لندن».