حث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أمس دول منطقة الشرق الأوسط على الانخراط في «تفكير جديد» خلال محادثات نادرة بشأن جهود تخليص العالم من القنابل الذرية تشارك فيها اسرائيل والدول العربية. لكن إيران تغيبت عن هذا المنتدى الذي عقد في مقر وكالة الطاقة في فيينا، وسط فرض عقوبات أميركية جديدة عليها.وافتتح يوكيا أمس الاجتماع الذي يستمر يومين في مقر وكالة الطاقة، قائلاً إنه يأمل أن «تساعد (المحادثات) في تشجيع الحوار بشأن منطقة خالية من الأسلحة النووية» في الشرق الأوسط.
ويشارك في المباحثات المغلقة في مقر الوكالة في فيينا 275 مندوباً يمثلون 97 دولة من بينها سوريا واسرائيل.
وقال بعض المشاركين إن سوريا ولبنان انتقدا اسرائيل. وقال المندوب السوري بسام صباغ ان «القدرة النووية لاسرائيل تشكل تهديداً خطيراً ومستمراً للدول الأخرى في المنطقة»، مشدداً على ضرورة «انضمام اسرائيل الى معاهدة حظر الانتشار النووي».
وقال مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، خبير مكافحة الانتشار النووي مارك فيتزباتريك، إن «ايران برفضها الحضور سددت ضربة أخرى لرؤية منطقة خالية من الأسلحة النووية»، مشيراً الى أن «استجابة اسرائيل والدول العربية للإرادة السياسية لحضور دورة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ثم السماح بعقدها أخيراً هو تطور إيجابي».
في المقابل، قال مندوب ايران لدى وكالة الطاقة، علي أصغر سلطانية، ان قرار ايران عدم المشاركة في المنتدى هو «أول رد فعل» على تقرير الوكالة «غير المناسب» الأخير بشأن برنامج طهران النووي، والذي أشار لأول مرة الى عناصر تدعم شبهات الدول الغربية حول الأغراض العسكرية لذلك البرنامج. وأضاف أن من بين الأسباب الأخرى التي دفعت بلاده الى عدم المشاركة في المنتدى، ترسانة اسرائيل المفترضة من الأسلحة النووية.
وقال سلطانية لتلفزيون «العالم» الايراني إن «النظام الصهيوني يقوم بنشاطات نووية سرية تسبب القلق للمجتمع الدولي». واضاف انه «ما دام الكيان الصهيوني لم ينضم الى معاهدة حظر الانتشار النووي ولم يبد أي نوع من التعاون مع المنظمات والأوساط الدولية.. فإن هذه الاجتماعات ستكون عديمة الجدوى وغير ناجحة».
أما محادثات فيينا فتتناول تجارب دول عملت على انشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، بينها افريقيا واميركا اللاتينية وكيف يمكن أن تتعلم منها منطقة الشرق الأوسط.
في هذا الوقت، تحدث مسؤول أميركي عن عقوبات أميركية جديدة على الجمهورية الاسلامية، قائلاً إن وزارة الخزانة الأميركية تعدّ إيران منطقة «قلق رئيسي من عمليات غسل الأموال»، ما يتيح لها تبني خطوات تفرض مزيداً من العزلة على القطاع المالي الإيراني، فيما أعلنت بريطانيا قطع كل صلاتها بالقطاع المالي والمصارف الايرانية بما فيها البنك المركزي.
وقال وزير المال البريطاني جورج اوزبورن «نتخذ هذا القرار بسبب الأدلة على ضلوع المصارف الايرانية في البرنامج النووي العسكري لايران».
وقال مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى ان الولايات المتحدة ستكشف عن عقوبات جديدة على ايران تطاول قطاعات المال والنفط والغاز.
وكانت شبكة «ايه.بي.سي نيوز» و«وول ستريت جورنال» ذكرتا أن وزارة الخزانة الأميركية لن تفرض عقوبات رسمية على البنك المركزي الإيراني فيما يرجع جزئياً، إلى رغبتها في تفادي صدمة مفاجئة لأسعار النفط.
وبموجب القانون الاميركي فإن هذه الصيغة تعني ان على الشركات الاوروبية والآسيوية واللاتينية الاميركية الامتناع عن القيام بأي علاقة مع المصالح الايرانية اذا ما ارادت القيام باعمال مع الولايات المتحدة. وتطبيق هذا الاجراء في السابق على مصارف لبنانية وكورية شمالية ادى الى سحب فوري وكثيف للأموال من قبل زبائنهما، حسبما افادت «وول ستريت جورنال»، التي اشارت الى ان كندا ستتخذ اجراءات مماثلة.
والعقوبات الاخرى التي تخطط لها الولايات المتحدة ستطاول الأملاك والخدمات التي يستعين بها قطاع المحروقات وصناعة البتروكيميائيات في ايران، ما سيؤدي الى تعقيد الاستثمارات الخارجية في هذا المجال الاساسي.
في هذه الأثناء، أعلن وزير الصناعة والتجارة الايراني مهدي غضنفري، في مؤتمر صحافي، ان «العقوبات تضر دائماً بالدول التي تتعرض لها، فكلفة التبادل التجاري تزداد وعملية نقل الأموال تصبح اكثر صعوبة». واضاف «سنعاني جراء العقوبات، لكن في الوقت نفسه فإن تكتيكاتنا (للالتفاف على العقوبات) تصبح أكثر ذكاء. الوضع سيكون صعباً لكنه ابعد من ان يكون مستحيلاً»، مشدداً على ان «ادارة البلاد لن تكون مستحيلة».
واكد غضنفري أن الدول التي ستتبنى العقوبات ستعاني بدورها، فهي «اذا لم تستثمر في مشاريعنا النفطية ستخسر سوقاً جيدة لبيع التجهيزات وشركاتها ستغلق». واضاف «يمكننا اللجوء الى الشركات المنافسة.. هناك عشرات السبل لإبقاء التواصل مع العالم الخارجي لم نتوسلها بعد».
من جهة أخرى، أعلن رئيس إدارة الطيران والفضاء في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال أمير-علي حاجي زاده، أن طهران بخصوص التهديدات الإسرائيلية بضرب مواقع نووية إيرانية أن «أحد اقوى آمالنا هو ان يرتكبوا مثل هذا العمل لأنه منذ فترة طويلة هناك طاقة مخزنة ونأمل في استخدامها لإرسال اعداء الاسلام الى مزبلة التاريخ». واضاف «إن تطوير قدراتنا البالستية لن يتوقف ابداً».
من ناحيته، قال المساعد السیاسي لقائد قوات حرس الثورة، العمید ید الله جواني، أمس، إن «الجمهوریة الإسلامیة الإيرانیة قید التحوّل الی قوة دولیة ولیس هناك من بلد یجرؤ علی مهاجمة إیران». ولفت الى أن إیران «تحوّلت الی بلد نووي، وأن سرعة التطور العلمي فیها تعادل 13 ضعف ما هي علیه في العالم». وأشار القيادي الإيراني الى أن بلاده «تمتلك حالیاً الآلاف من أجهزة الطرد المركزي».
وفي الشأن الايراني الداخلي، نفى المستشار الإعلامي للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ما ذكرته وكالة «مهر» عن اعتقاله. وقال علي أكبر جوانفكر لوكالة «رويترز» في اتصال هاتفي «أنا في مكتبي في مبنى صحيفة ايران وأنفي كل المزاعم عن اعتقالي».
(إرنا، أ ف ب، مهر، رويترز، يو بي آي)