تمكن مؤتمر الأمم المتحدة في دوربان في جنوب أفريقيا بشأن التغير المناخي أمس، من إقرار اتفاقات ستجبر لأول مرة أكبر الدول المسببة للتلوث على التحرك لإبطاء وتيرة ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتنفس ممثلو نحو 190 دولة شاركوا في المؤتمر الصعداء بعدما تفادى القرار انهيار المحادثات وجنّب جنوب أفريقيا، التي تستضيف المؤتمر، الحرج؛ إذ تعرض إشرافها على المفاوضات التي استمرت أسبوعين لانتقادات من الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.ومددت الاتفاقات مدة سريان بروتوكول كيوتو، وكان هذا التمديد مطلباً كبيراً للدول الصاعدة التي تذكر باستمرار أن بلدان الشمال الغنية تضطلع بمسؤولية «تاريخية» في تراكم مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو. وأقرت أيضاً صيغة صندوق لمساعدة الدول الفقيرة في التعامل مع التغير المناخي، وحددت مساراً لوضع اتفاق ملزم قانوناً بشأن خفض الانبعاثات. إلا أن المسألة الرئيسية المتمثلة بتمويل هذا الصندوق بقيت حتى الآن من دون جواب كامل، فيما ينص الالتزام المتخذ قبل سنتين في كوبنهاغن على التوصل إلى مئة مليار دولار سنوياً ابتداءً من عام 2020. وأمام معارضة الهند الشديدة، وافق الأوروبيون في نهاية المطاف على صياغة تصف الاتفاق المقبل بأنه «بروتوكول أو وثيقة قانونية أخرى أو حل منسق يكون له مفعول قانوني»، ويكمن الهدف في البدء بتنفيذ هذا الاتفاق ابتداءً من عام 2020.
وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، التي ترأس المحادثات: «جئنا إلى هنا بالخطة (أ) وأنهينا هذا الاجتماع بالخطة (أ) لإنقاذ الكوكب من أجل مستقبل أطفالنا وأحفادنا».
من جهتها، رحبت مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة، كريستيانا فيغويريس، على الاتفاق بقولها: «على شرف مانديلا، يبدو الأمر مستحيلاً على الدوام حتى يحصل الاتفاق. وهذا ما حصل». وأضافت أن الصياغة النهائية المتعلقة بالشكل القانوني لاتفاق مستقبلي غامضة. وأضافت: «لم يتحدد بعد ما الذي يعنيه هذا»، مشيرة إلى أن النصوص النهائية قد لا تعلن قبل بضعة أيام.
بدوره، اكتفى الاتحاد الأوروبي، الذي ألقى بثقله للتوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً، بنص يترك مسألة الطابع الملزم للميثاق المناخي المقبل معلقاً. وقد رحب الاتحاد، أمس، بما عدّه «اختراقاً تاريخياً» تحقق في «مكافحة التغير المناخي».
وقالت المفوضة الأوروبية، في بيان، إن «استراتيجية الاتحاد الأوروبي كانت مجدية»، موضحة أن الاتحاد «كان يطمح إلى أكثر من مجرد تطبيق قرارات وتمكن من تحقيق ذلك».
من جهته، رأى وزير الطاقة والتغير المناخي البريطاني كريس هيون أن النتيجة تمثل «نجاحاً كبيراً للدبلوماسية الأوروبية». وأضاف: «استطعنا إقناع كبريات الدول المسببة للانبعاثات مثل الولايات المتحدة والهند والصين بخريطة طريق تضمن الوصول إلى اتفاق عالمي شامل». ورأى الممثل الأميركي لشؤون المناخ، تود شتيرن، أن «الأمور انتهت بنحو جيد في نهاية المطاف. إنها المرة الأولى التي توافق فيها دول نامية على اتفاق قانوني» حول المناخ.
ولاقت قرارات القمة انتقادات من منظمة «أوكسفام» غير الحكومية، التي رأت أن القرارات التي اتخذت أقل بكثير مما تقتضيه الضرورات المناخية، مشيرة إلى أن ما جرى التوصل إليه هو «اتفاق الحد الأدنى»، الذي يجعل العالم «يتجه نصف نائم نحو ارتفاع في الحرارة أربع درجات».
(أ ف ب، رويترز)