كلّف الرئيس اليوناني أمس زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، أكبر أحزاب المعارضة، تأليف حكومة جديدة، وذلك بعد استقالة رئيس الوزراء، ألكسيس تسيبراس، ولكن الأرجح أن التكليف هذا لن يجنّب البلاد إجراء انتخابات مبكرة، قد يخوضها حزب جديد، نواته النواب المنشقون عن حزب «سيريزا»، من الذين أفقدوا الأخير غالبيته النيابية، بعد نكوثه بوعوده الانتخابية وخضوعه لإملاءات دائني البلاد.
عملاً بأحكام الدستور اليوناني، وبعد استقالة حكومة «سيريزا»، كلف الرئيس اليوناني، بروكوبيس بافلوبولوس، زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، فانغليس ميماراكيس، تأليف حكومة جديدة خلال مهلة دستورية من 3 أيام. وإذا فشل ميماراكيس في تأليف حكومة ائتلافية في هذه المهلة، يفرض الدستور على رئيس الدولة أن ينقل التكليف، بالتتابع، إلى سائر زعماء الأحزاب ذات الكتل النيابية الوازنة؛ وإذال فشلت جميع الأحزاب في تأليف حكومة، فسيعين الرئيس حكومة تصريف أعمال برئاسة رئيس المحكمة العليا، ويحدد موعداً للانتخابات النيابية المبكرة. وإثر لقائه رئيس الدولة أمس، قال ميماراكيس إن هدفه التشاور مع زعماء جميع الأحزاب البرلمانية لتأليف حكومة ائتلافية جديدة في إطار البرلمان الحالي، «تضمن الافق الاوروبي للبلاد»، وتجنّبها الانتخابات المبكرة.
وكان تسيبراس، زعيم «سيريزا»، قد أعلن أول من أمس استقالة حكومته، ونيته خوض الانتخابات المبكرة، التي رجحت وسائل إعلام إجراءها في أواخر أيلول المقبل. وأمس، قال تريفون أليكسياديس، نائب وزير المالية في الحكومة المستقيلة، إن الانتخابات وحدها قد تعيد الاستقرار إلى اليونان، بعد انقسام «سيريزا» حيال الشروط «العقابية» لبرنامج القروض الثالث، الذي لا يزال التفاوض بشأنه جارياً مع دائني البلاد، ممثلين بالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. والجدير ذكره أن البرلمان اليوناني كان قد وافق على «مذكرة التفاهم» بين أثينا والدائنين، بدعم من نواب المعارضة، إذ إن ما يزيد على 40 نائبا عن «سيريزا» صوّتوا ضد الاتفاقية، أو امتنعوا عن التصويت.

لافازانيس: سنحاول تجسيد «لا» الاستفتاء

أما الحدث الأبرز أمس، فكان إعلان 25 نائبا على الاقل انشقاقهم عن «سيريزا»، وعزمهم على تأليف كتلة برلمانية جديدة تحمل اسم «الاتحاد الشعبي»، وتأسيس حزب جديد. ويأتي الإعلان ليكرّس الانقسام الحاصل في صفوف الحزب الذي فاز في انتخابات 25 كانون الثاني الماضي بنسبة 36.3% من أصوات الناخبين، بناءً على الوعد بانهاء سياسات «التقشف» المفروضة أوروبياً على البلاد. وسيرأس الكتلة البرلمانية الجديدة وزير البيئة والطاقة السابق، بانايوتيس لافازانيس، الذي أُعفي من منصبه في تعديل وزاري أجراه تسيبراس في تموز الماضي، ليطهّر حكومته من الرافضين لشروط الدائنين. «سنحاول تجسيد «لا» الاستفتاء» الذي نظمته الحكومة في الخامس من الشهر الماضي، ورفض خلاله 62% من الناخبين شروط الدائنين، أعلن لافازانيس، متهماً تسيبراس «بخيانة» نهج «سيريزا»، برضوخه لإملاءات الدائنين.
واللافت أن المسؤولين الأوروبيين لا يُبدون قلقاً من الاضطراب السياسي في اليونان. وصرّح رئيس مجموعة اليورو، يورين ديسيلبلوم، بأنه لا يخشى من أن تمثّل الانتخابات المبكرة تهديداً لتنفيذ أثينا «الإصلاحات» التي يفرضها الدائنون، موضحاً أن «الغالبية العظمى في البرلمان اليوناني أيدت مجموعة التدابير (التي يطلبها الدائنون)، ونحن نتوقع ان يكون هذا الدعم اقوى» بعد الانتخابات.
وكان مارتن سيلماير، المسؤول عن مكتب رئيس المفوضية الاوروبية، جان كلود يونكر، قد «غرّد» يوم الخميس الماضي، حتى قبل الاعلان الرسمي عن استقالة الحكومة، قائلاً إن «انتخابات مبكرة في اليونان قد تكون وسيلة لتوسيع نطاق دعم» برنامج القروض الجديد.

(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)