نفى كل من رئيس أركان الجيش والمحكمة العليا في باكستان، أمس، المعلومات التي تبنّاها رئيس الحكومة يوسف رضا جيلاني، ومفادها أن الجيش يعدّ للانقلاب على الحكومة، بعد تسريب برقية دبلوماسية أشارت إلى طلب إسلام آباد مساعدة الولايات المتحدة لمحاصرة نفوذ الجيش. وقال رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني، الذي يعدّ أقوى شخصية في البلاد حالياً، أثناء تفقُّد قوّاته في المنطقة الشمالية الغربية، إن «الجيش الباكستاني يواصل دعم العملية الديموقراطية في البلاد ويعي تماماً واجباته ومسؤولياته». وتابع أن الجيش «نفى التكهنات التي تحدثت عن انقلاب عسكري، وأكد أنها خاطئة وهدفها لفت الانتباه عن القضايا الحقيقية». وفي السياق، قال رئيس المحكمة العليا، محمد تشودري، خلال جلسة استماع للمحكمة للنظر بطلب التحقيق بفضيحة البرقية الدبلوماسية «ميموغيت» التي أُرسلت إلى أبرز اسم في المعارضة الباكستانية نواز الشريف، «كونوا مطمئنين الى أنه ليس هناك أي انقلاب (عسكري) محدِق بهذا البلد والنظام الدستوري سيسود». كما رأى تشودري أنّ «رئيس أركان الجيش أثبت أنه يثق تماماً في المحكمة
العليا».
واشتد التوتر بين الجيش والحكومة التي تدنت شعبيتها في الأسابيع الأخيرة، مع تطورات قضية «ميموغيت» التي اتُّهمت بموجبها السلطات المدنية بإرسال مذكرة سرية إلى الولايات المتحدة في أيار الماضي، طلبت منها المساعدة لاحتواء انقلاب عسكري محتمل. وتهدّد هذه المذكرة الرئيس آصف علي زرداري شخصياً، بعدما اتهمه أحد أكبر المتورطين بالبرقية، رجل الأعمال الأميركي ــ الباكستاني عجاز منصور، بأنه هو من أعدّ المذكرة. وقال أحد قادة الجيش، رئيس جهاز الاستخبارات أحمد شوجا باشا، الأسبوع الماضي، إن منصور لديه أدلة تثبت تلك الاتهامات، ودعا إلى تحقيق معمق بالقضية.
ويدعو الجيش إلى التحري بنحو كامل في هذه القضية، لكن مراقبين يشككون في أن تكون المؤسسة العسكرية في صدد السعي إلى اغتنام الفرصة والدفع بزرداري نحو الاستقالة. واشتدت شائعات الانقلاب بعد الوعكة الصحية التي مُني بها زرداري. وبعد عودته يوم الاثنين الماضي من دبي حيث تلقّى العلاج إلى بلاده، لم يردّ على طلب الادلاء بشهادته أمام المحكمة العليا التي ستلتئم مجدداً للنظر بقضية البرقية الدبلوماسية في 27 كانون الأول الجاري.
ولا يتوقع إجراء انتخابات تشريعية قبل شباط 2013، لكن المعارضة تطالب بانتخابات مبكرة، وقد يشتد الضغط على الحكومة إذا ما قررت المحكمة العليا التحقيق في «ميموغايت».
من جهة ثانية، رفض الجيش الباكستاني تقرير الولايات المتحدة حول «خطأ» حلف شمالي الاطلسي، الذي أدى إلى مقتل 24 جندياً باكستانياً في نهاية تشرين الثاني الماضي. وقال الجيش، في بيان، إنه «لا يوافق على خلاصات التحقيق الذي أجرته الولايات المتحدة والحلف الاطلسي». وأوضح أنه «سينشر رداً مفصلاً بعد تلقي التقرير الرسمي» من الطرفين الأميركي والأطلسي. وخلص التحقيق إلى أنّ القوات الأطلسية أطلقت النار في إطار «الدفاع المشروع عن النفس بعدما تعرضت لإطلاق نار من أسلحة ثقيلة ومدافع هاون من مصدر غير معروف». لكن إسلام آباد تجزم بأن الحلف أطلق النار مباشرة على قواتها وبطريقة متعمَّدة. كما يتهم التحقيق الغربي الطرف الباكستاني بأنه لم يبلغ مسبقاً قوة «ايساف» الأطلسية بإقامة مركز حدودي جديد في المكان الذي تعرض للقصف. وبرّر الجنرال الأميركي ستيفن كلارك الذي قاد التحقيق، هذا «الخطأ» بعدم تبادل المعلومات بين الطرفين الباكستاني والأطلسي.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)