بعد 12 شهراً من زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان ليبلغ 100 ألف، أصدرت الادارة الأميركية تقويماً لاستراتيجية الحرب يتلاءم وفصل الشتاء القارس، اذ يؤكّد القلق الذي تعيشه هذه الإدارة بسبب الحرب واحتمالات الهزيمة، رغم أنها حاولت الهرب الى ما قالت إنه مكاسب حققتها وركّزت على تمسكها بموعد الانسحاب.وفي فصل الشتاء، يستعد المتمردون لخوض هجوم الربيع. يأوون خلاله في الكهوف والبلدات الصديقة على جانبي الحدود مع باكستان، أو ينتقلون إلى أماكن أخرى بعيدة عن نقاط الاحتكاك الساخنة، ليجدّدوا زحفهم في الربيع المقبل.
من هنا جاء تقرير المراجعة الجديد ليؤكد أن التحدي لا يزال «دائماً وقابلاً للاستمرار». وعزا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، النجاحات والمستقبل الزاهر الذي بشّر به إلى الجهد الذي تبذله فرق القوات السرّية الخاصة داخل باكستان لاقتناص قادة «القاعدة» و«طالبان». وقال «اليوم قادة القاعدة الكبار في المنطقة الحدودية من أفغانستان وباكستان يتعرضون لضغط أقوى بكثير من أي وقت مضى منذ هروبهم من أفغانستان قبل تسعة أعوام».وبرغم الكلام المتفائل، حفظت الإدارة الأميركية خط الرجعة في المراجعة، وقالت إن إنجازاتها الأخيرة تبقى «هشة ومعرضة للانتكاسة». وأضافت أن المعاقل الكائنة في باكستان تبقى نقطة الضعف الأولى في استراتيجيتها. وطالبت باكستان بتقديم المزيد من التعاون.
وتأتي المراجعة بعد تصريحات محرجة لوزير الدفاع روبرت غيتس أقرّ فيها باتساع المعارضة للحرب في الداخل ولدى الشركاء الأطلسيين، وهو ما عبّر عنه إعلان الألمان، ثالث أكبر قوة أطلسية في أفغانستان، عن الأمل بالانسحاب في نهاية العام المقبل، علماً بأن الإدارة الأميركية ألزمت نفسها ببدء الانسحاب في تموز المقبل مع تعهد بإبقاء قوة ما فيها لمساعدة القوات الأفغانية حتى عام 2014. كذلك جاءت المراجعة لتعرض إنجازات شكّك فيها المراقبون الميدانيون، وتحدث الصليب الأحمر عن متاعب في إيصال المساعدات لم يُعرف لها مثيل منذ 30 عاماً. بينما ذكرت تقارير بعثة الأمم المتحدة أن الارتفاع في عدد الضحايا بين المدنيين قفز بنسبة كبيرة، متهمة العناصر المتمرّدين بالمسؤولية عن ثلاثة أرباعها. وفي ذلك الكثير من الصحة لأن النزاع القبلي والسياسي أخذ في التصاعد خلال الأشهر الأخيرة. وعندما زادت القوات الأطلسية هجماتها في الجنوب، انتقل المتمردون إلى الشمال، وشنّوا هجمات استهدفت إفشال أي محاولة لإقامة حكومات محلية.
وبالنسبة إلى الجيش الأفغاني، فإن الولاءات القبلية والعقائدية داخله تجعله بعيداً كل البعد عن القابلية لاستخدامه في محاربة «طالبان» بعد 4 سنوات عند استكمال الانسحاب الأميركي.