بغداد | هي المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن «الأغلبية السياسية» التي يتبناها غريمه الحزبي، وسلفه في رئاسة الحكومة، نائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، الذي لا ينفك هو وأنصاره عن استغلال أي مناسبة للحديث عنها، باعتبارها الوصفة «المُنقِذة». العبادي، الذي كان يتحدث في المؤتمر السنوي لذكرى رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» محمد باقر الحكيم، والذي أقامه رئيس «تيار الحكمة» عمار الحكيم للمرة الأولى منذ انشقاقه عن المجلس، حرص على إمساك العصا من المنتصف. ففي الوقت الذي دافع فيه عن «التوافقية»، شريطة أن «ترعى مصلحة البلد والمواطنين... لا الامتيازات والمناصب»، اشترط دعمه «الأغلبية السياسية» بأن «لا تستبعد الآخر وتستأثر بالامتيازات، وأن يكون المراد منها تحقيق دولة قوية».وفيما قاطع المالكي الحفل الذي يرعاه الحكيم «بسبب ارتباطه بموعد لحضور حفل انتخابي» كما أبلغ مصدر في مكتبه «الأخبار»، لم يختتم كلمته التي ألقاها في الحفل الأخير قبل التشديد على أن الأغلبية التي يتبناها ائتلافه «ستكون مشروعاً وطنياً يشترك فيه جميع أطياف الشعب العراقي». وإلى أبعد من ذلك، ذهب المالكي بقوله إنه يريد إشراك جميع شرائح المجتمع العراقي في مشروعه «من الفاو والمنطقة الوسطى والغربية، انتهاءً بكردستان العراق»، وهي المرة الأولى التي يشمل فيها كردستان في حديثه عن الأغلبية، في وقت تتحدث فيه تسريبات عن تحالفات محتملة بعد الانتخابات بين المالكي وقوى وشخصيات كردية، في مقدمها «التحالف من أجل العدالة والديموقراطية» الذي يتزعمه السياسي الكردي البارز، برهم صالح، الذي أُبعد أخيراً عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة جلال طالباني. المالكي، الذي جاء حديثه خلال استقباله وفداً من أهالي العاصمة بغداد وديالى، رأى أن «بقاء النظام السياسي القائم على المحاصصة سيشكل خطراً على مستقبل العملية السياسية»، داعياً إلى «التخطيط لإعادة بناء مؤسسات الدولة وفق منظور تنموي، قادر على تحمل عبء التنفيذ، من دون أن يؤدي ذلك إلى التفريط بحق المواطن على الدولة».
اشترط العبادي دعمه «الأغلبية» بـ«عدم الاستئثار»


وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر في مكتب المالكي، تحدثت إليه «الأخبار»، أن رئيس «ائتلاف دولة القانون» «لا يضع خطاً أحمر» على أي جهة أو حزب يريد التحالف معه مقابل قبوله بالأغلبية. «حتى لو كان حزب البرزاني»، يجيب المصدر عن سؤال بشأن إمكانية التحالف مع خصوم المالكي في كردستان. المصدر الذي لم يخفِ وجود «تواصل واتصالات» بين المالكي ومختلف القوى السياسية في الإقليم الكردي حتى بعد أزمة الاستفتاء، أوضح أنها «لم ترتق لغاية الآن الى مستوى التحالفات». وعما إذا كان «الخط الأحمر» موضوعاً على العبادي، أجاب المصدر بشيء من التردد والتأني هذه المرة بقوله: «بالتأكيد... قلنا لن نستثني أحداً... لكنني لا أستطيع تفسير تصريحات العبادي حالياً».
لكن الأغلبية قد تبقى، بالنسبة إلى البعض، حبيسة التصريحات والأمنيات، إذ إن من المبكر الحديث عن هكذا مشروع في بلد مثل العراق، الذي يجب أن يحظى رئيس حكومته بتوافق الجيران ودول الإقليم. وفي هذا الاتجاه، يقول القيادي في تحالف «الفتح»، الذي يُنظر إليه على أنه الأقرب إلى المالكي بعد الانتخابات، عامر الفايز، في حديث إلى «الأخبار»، إنه «لا يمكن لحكومة أغلبية سياسية أن ترى النور خلال المرحلة المقبلة». ويبرر الفايز اعتقاده بأن «قانون الانتخابات الحالي وُضع لتكريس الطائفية»، مضيفاً أن «الأغلبية تحتاج على الأقل إلى 165 مقعداً، حتى يمكن لأي كتلة أن تمرر وزراءها في البرلمان القادم... وهذا من الصعب تحقيقه دون الاستعانة بكتل أخرى».
من جهة أخرى، أكدت مصادر في اللجنة القانونية في البرلمان أن «قانون الموازنة اكتسب الشرعية الدستورية والقانونية بعد انقضاء المدة التي يحتاج إليها لتصويت رئيس الجمهورية عليه». وأوضحت المصادر، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الرئيس فؤاد معصوم تجاوز المدة الزمنية التي نص عليها الدستور وفق المادة 73، التي تحددها بـ 15 يوماً»، مشيرة إلى أنه بات «بإمكان الحكومة تطبيق بنود الموازنة ونشرها في الجريدة الرسمية»، لتخسر الكتل الكردية بذلك آخر رهاناتها. وكان معصوم قد رفض، الأسبوع الماضي، المصادقة على قانون الموازنة ــ الذي أثار اعتراضاً كردياً واسعاً بسبب حصة إقليم كردستان قبل أن يصادق عليه مجلس النواب ــ مقرراً إعادته إلى البرلمان لـ«تضمّنه 31 مخالفة دستورية»، بحسب بيان رئاسي.