ثمة قوى سياسية وقومية لا تزال ترفض الإقرار بنتائج الانتخابات
هذا الارتياح تجلّى أيضاً على مقلب الكتل التي راقتها دعوة رئيس الجمهورية، أول من أمس، «المحكمة الاتحادية» إلى بيان رأيها بخصوص قرار البرلمان إلغاء نتائج انتخابات الخارج والتصويت المشروط، وإعادة العدّ والفرز يدوياً بنسبة 10 في المئة. وهو ما عبّر عنه أمس «تحالف القوى العراقية»، الذي أُعلنت ولادته أخيراً نتيجة اتحاد بين تحالف «العراق هويتنا» بزعامة جمال الكربولي وحزب «الجماهير الوطنية» بقيادة أحمد الجبوري، بإصداره بياناً ثمّن فيه «دور رئاسة الجمهورية في الحفاظ على دستورية العملية السياسية»، قائلاً إن «الكرة الآن في ساحة القضاء العراقي العادل». موقف يشي بحرص التكتل الجديد، خصوصاً منه جناح «الكرابلة»، على منع إلغاء النتائج أو تعديلها جوهرياً، كون ذلك سيترك تأثيرات بالغة السلبية في الجناح المذكور الذي يسعى إلى تولية أحد نوابه (محافظ الأنبار محمد الحلبوسي) رئاسة البرلمان. ولعلّ تلك الطموحات والهواجس هي ما دفعت «الكرابلة» إلى العمل على تعزيز أوراقهم بالدخول في تحالف من 31 نائباً، سرعان ما بدأ تحركاته بلقائه زعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، مسعود البرزاني، في أربيل، حيث أفادت بعض الأنباء بأنه تم التباحث في كيفية منع أي توجه نحو إعادة العدّ والفرز على أساس يدوي.
توجّه يبدو حزب البرزاني، ومعه «الاتحاد الوطني الكردستاني»، أكثر المتشدّدين في الحيلولة دونه، وهو ما كرّر التعبير عنه، أمس، «الديموقراطي الكردستاني» بقوله إنه «من الصعب إصدار قانون جديد لغرض العدّ والفرز يدوياً»، وإن «المفوضية غير ملزمة بقرار مجلس النواب». لكن في قبالة الموقف الكردي المدعوم بقوة من رئيس الجمهورية الذي جدّد تشكيكه في «دستورية جلسة البرلمان وما اتُخذ من قرار فيها»، يبقى أن ثمة قوى سياسية وقومية لا تزال ترفض الإقرار بنتائج الانتخابات، مُعلِنة تمسكها بقرار البرلمان بوصفه «قشة النجاة» الأخيرة. من بينها «الجبهة التركمانية العراقية» التي وجّهت أمس انتقادات لاذعة إلى فؤاد معصوم، قائلةً إنه «وضع نفسه في خندق الدفاع عن المزورين»، مضيفة أنه «أصدر موقفه هذا لترضية حزبه (الاتحاد الكردستاني) وحلفائه»، فيما شدد «تحالف الديموقراطية والعدالة» بزعامة برهم صالح على «ضرورة إلغاء نتائج الانتخابات»، واصفاً إياها بأنها «فضيحة كبيرة».
هذه المواقف، معطوفةً على إجراءات البرلمان الذي يُنتظر أن يستأنف غداً جلسته الاستثنائية، لا يُعلم إلى أي مدى يمكن أن تثمر لمصلحة أصحابها، في ظلّ تكتل القوى الفائزة بوجههم، وكذلك عدم تحمّس قوى الصفّ الثاني (من الفائزين) وشخصياته لخوض معركة إلغاء النتائج أو تعديلها، فضلاً عن غياب تزكية إقليمية ودولية (إلى الآن) لأي خطوة من هذا النوع. لكن يظلّ ثابتاً أن النزاع الدائر حالياً من شأنه تعقيد المسار الدستوري الذي كان يفترض انطلاقه بعد إتمام التصويت، وهو ما يضع المعنيين أمام تحدّي إرضاء الخاسرين والمشكّكين بهدف إطلاق عجلة العملية السياسية.