مرّ يوم أمس هادئاً نسبياً مقارنة بالأيام الماضية، حيث اقتصرت تظاهرات مطلع الأسبوع على محافظات البصرة وديالى وذي قار، من دون وقوع صدامات مع القوى الأمنية، باستثناء حادث فقط في محيط أحد الحقول النفطية في البصرة. هدوء الأمس كشف عن عدد ضحايا الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، إذ أعلنت «المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان» مقتل 5 محتجين، وإصابة 190 آخرين (بينهم 128 منتسباً للقوات الأمنية)، في محافظات المثنى وبابل والنجف، في وقت تستكمل «المفوضية» إحصاءاتها في بقية المحافظات (البصرة، ميسان، ذي قار، كربلاء)، على أن يُعقد اليوم الثلاثاء مؤتمر صحافي للإعلان عن الحصيلة الإجمالية لأعداد القتلى والجرحى من المدنيين والقوى الأمنية.وعلى رغم إعلانها قرارات لتطويق التظاهرات، إلا أن حكومة حيدر العبادي لا تزال، إلى الآن، عاجزة عن إيجاد حلول مرحلية ــ إن لم تكن جذرية ــ لأبرز الأسباب الدافعة إلى الاحتجاج: أزمة الكهرباء، وارتفاع ساعات التقنين بالتوازي أيضاً مع ارتفاع درجات الحرارة (قد تفوق الـ50 درجة)، عدا عن أزمة المياه والجفاف وارتفاع نسبة الملوحة في مياه الشرب. وقال وزير الكهرباء، قاسم الفهداوي، أمس، إن «العراق أخفق في إقناع إيران باستئناف تزويده بالطاقة الكهربائية إثر محادثات في العاصمة الإيرانية طهران»، لافتاً إلى أن «وزارته وضعت خطة بديلة عن استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، بعدما أعلن الجانب الإيراني عدم تمكنه من تزويد العراق بالطاقة مجدداً». هذا الإخفاق دفع بوزير الداخلية، قاسم الأعرجي، إلى مطالبة المتظاهرين في المحافظات الجنوبية بـ«الهدوء... ومنح الحكومة فرصةً لتوفير مطالبهم». وقال الأعرجي، الذي وصل إلى محافظة كربلاء، على رأس قوة عسكرية كبيرة، حيث عقد اجتماعاً أمنياً في قيادة الشرطة لبحث الأوضاع الأمنية هناك، إن «رسالتكم وصلت، أعطوا فرصة للحكومة لتوفير مطالبكم».
أدت الاحتجاجات إلى مقتل 5 محتجين وإصابة 190 آخرين


وبموازاة رسالة الأعرجي، أعلن العبادي تضامنه مع مطالبة الشعب بحقوقه، والتي أكد، خلال زيارته مقر «هيئة الحشد الشعبي» في بغداد، أنه «من واجب الحكومة الاستجابة لها». زيارة العبادي إلى «مقر الحشد» تطرح علامات استفهام عدة، خصوصاً أن الطرفين يشتركان في مستوى عالٍ من الحذر من أي تطور ميداني مفاجئ، في ظل حديث مراجع أمنية عن وجود «مندسين» يدفعون إلى إشعال مواجهات بين الشعب والقوى الأمنية. ومع دعوة رئيس الحكومة إلى «عزل المسيئين»، يتقدم احتمال استفادة الحكومة من خبرات «الحشد» الميدانية في عملية إعادة الأمن جنوباً. وفي قبالة دعوته إلى «عزل المسيئين»، استقبل العبادي وفوداً من أهالي الجنوب، و«استمع إلى مطالبهم». ورأى رئيس الوزراء، أمام زواره من النجف، أن «هناك من يريد التخريب لكي تتراجع النجف اقتصادياً»، لافتاً إلى أنه «اتخذ قراراً بإلغاء الإدارة السابقة لمطار النجف، وقد عادت الرحلات للمطار»، واعداً خلال مناقشة مطالب الأهالي في ما يخص الكهرباء والمياه والزراعة وفرص العمل والصحة بـ«إيجاد حلول لها».
وبالعودة إلى البصرة، فجّر مجهولون، أمس، عبوة ناسفة ببرج لنقل الطاقة الكهربائية إلى حقل «غرب القرنة 2» (أضخم حقول النفط في البلاد، والذي ينتج نحو 400 ألف برميل يومياً)، في حادث لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. وأوضح مدير شرطة حماية المنشآت النفطية، علي حسن هليل، أن «البرج يغذي مشروع حقن المياه في حقل غرب القرنة، وقد تسبب تفجيره بخروج الخط عن الخدمة»، مضيفاً أن «أعمال الصيانة بالبرج ستنتهي يوم غد (اليوم)، تمهيداً لإعادة خط الطاقة إلى الخدمة»، من دون أن يبيّن ما إذا كان قطع التيار الكهربائي قد أثر في إنتاج الخام في الحقل.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة النفط العراقية أن إنتاج وتصدير الخام في البلاد لم يتأثرا بالاحتجاجات الشعبية المستمرة، لافتة إلى أن «صادرات العراق النفطية من الجنوب تتدفق بانسيابية عالية». كذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني أن حوالى 200 متظاهر تجمعوا عند مدخل «حقل السيبة» للغاز في البصرة، من دون أن يؤثر ذلك في العمليات في الحقل الذي تديره شركة «كويت إنرجي».