ثمة فوارق كثيرة بين خطابات الصدر الأولى منتصف عام 2003، وخطاباته في عام 2013 وما بعده
طوال الأعوام الستة الماضية، دعم الصدر تظاهرات التيار المدني، التي انطلقت في العاصمة بغداد. إثر ذلك، انقسم «المدنيون» على أنفسهم، بين مرحب بدعمه تحت عنوان «المواطنة» التي من مقتضياتها انخراط العلماني و«الصدري» في الدولة معاً، وبين رافض لها ولوجود «عمامة» في حراك مدني شبابي، وعادّ إياها من باب «ركوب الموجة»، على عادة الأحزاب الإسلامية.
أبرز دوافع الصدر في الوقوف إلى جانب «المدنيين» كان سعيه إلى تجديد خطابه بما يتناسب مع المرحلة، انطلاقاً من اعتبارين: أولهما أن صراعه مع «الإسلاميين»، وتحديداً «حزب الدعوة الإسلامية» بزعامة نوري المالكي، أوجب البحث عن خيارات أخرى خارج «البيت الشيعي»، وثانيهما أن إرادته تعزيز حضوره السياسي بعد انتهاء «زمن المقاومة» تطلّبت منه السير في ركب الشعارات التي بدا له أن الشارع العراقي ينحو باتجاهها. من هنا، تحول الحديث من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام 2004، إلى حديث عن الحقوق والتظاهرات والدولة المدنية عام 2014، الأمر الذي وضعه على أعتاب مرحلة انتقالية جديدة، من الفوضى إلى التنظيم، ومن الملاحقة والسجون إلى الكتلة الأكبر في البرلمان.
إلى اليوم، يتوارث العراقيون مقولة المرجع الديني محسن الحكيم: «الشيوعية كفر وإلحاد». أقربَ إلى المستحيل، كان دخول «التيار الصدري» في قائمة واحدة مع «الشيوعيين». وأقرب إلى المستحيل أيضاً، كان حصول «التيار» المُلاحَق على «الكتلة الأكبر» في ظلّ قانون انتخابي يرفضه الصدر. لكن الزعيم الشاب فعلها، إذ خاض انتخابات 2018 متحالفاً مع «الشيوعيين»، نائلاً استحسان كثيرين، ورفض آخرين في المقابل. أما النتيجة، فقد أظهرت أن تصدّر «التيار» التظاهرات التي سبقت الانتخابات عاد عليه بمنفعة كبرى؛ إذ إنه تمكن عبر ذلك وما رافقه من «عرقنة» للخطاب من توسيع قاعدته الشعبية، لتشمل مؤيدين من خارج «الكتلة الشيعية». يضاف إلى ما تقدم، أن الفرصة التي أجاد اقتناصها «الصدريون»، هي غياب الدعوات الجدية إلى المشاركة في الانتخابات، وترك «المرجعية العليا» الأمر لخيارات المواطنين، في مقابل تشديد الصدر على ضرورة الإقبال على التصويت. هكذا، في ظلّ عزوف شرائح كبرى عن المشاركة، نالت قائمته «سائرون» الرقم 1.