بغداد | دَفَع العنف الدائر في محافظة ذي قار، جنوب العراق، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إلى تغيير القائد العسكري المكلّف حفظ الأمن في مدينة الناصرية، جميل الشمري، في أعقاب مطالبة المحتجّين وعدد من شيوخ العشائر بعزله ومحاسبته، فيما أعلن المحافظ عادل الدخيلي الحداد ثلاثة أيام على «أرواح شهداء التظاهرات»، قبل أن يُعلن استقالته بناءً على طلب زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم.وشهدت المدينة، مركز المحافظة، ساعات من العنف والعنف المضاد بين المحتجين الغاضبين والقوات الأمنية، ما أسفر عن سقوط 22 قتيلاً وإصابة أكثر من 180 آخرين، وفقاً لمصادر طبية غير رسمية. هذه المواجهات وقعت بُعيد سيطرة المتظاهرين على جسرَي النصر والزيتون وسط المدينة، قبل أن تستعيدهما القوات الأمنية، التي أعلنت ــــ لاحقاً ــــ فرض «حظر تجوال» في جميع مدن المحافظة حتى إشعار آخر، في حين أرسلت بغداد قيادات عسكرية إلى عدد من المحافظات الجنوبية لـ«المساعدة على ضبط الأمن». وأعلنت «خلية الإعلام الأمني» «تشكيل خلايا أزمة برئاسة المحافظين... لتتولى القيادة والسيطرة على كل الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظات، ولمساعدة المحافظين في أداء مهماتهم... وقد كُلّف بعض القيادات العسكرية ليكونوا أعضاء فيها».
الصدر: إن لم تستقل الحكومة فتلك بداية نهاية العراق


أما في النجف، فقد عمّ التوتر بعدما أضرم المتظاهرون النار في القنصلية الإيرانية، ما دعا طهران إلى مطالبة بغداد بـ«اتخاذ إجراءات حازمة ومؤثرة» ضدّ من أحرق قنصليتها. واعتبر السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، أن «الأحداث التي شهدتها النجف تهدف إلى تخريب العلاقة بين بلاده والعراق»، مضيفاً إن «غرض المندسّين وعملاء الخارج مما حصل هو تخريب أواصر الصداقة بين الجارين، وما حصل لم يكن برغبة الحكومة ولا الشعب العراقي». وفيما اكتفت الخارجية العراقية باستنكار الهجوم الذي طاول القنصلية، أطلق قادة فصائل المقاومة، والفصائل المنضوية في «الحشد الشعبي»، تحذيراتهم من التعرّض لحياة «المرجع الديني الأعلى»، آية الله علي السيستاني. إذ توعّد الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، من يتعرّض للسيستاني بالقول إن «كلّ من يعتقد أنه يمكن أن يمسّ شيئاً من سماحة السيد السيستاني فهو واهم أشد الوهم»، في حين أمر نائب رئيس «هيئة الحشد»، أبو مهدي المهندس، جميع ألوية «الحشد» بأن تكون تحت إمرة «المرجعية الدينية العليا»، مؤكّداً أن «اليد التي تحاول أن تقترب من السيستاني ستُقطع».
وفي العاصمة بغداد، التي تشهد استمراراً للحراك المطلبي منذ الـ 25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدت الأجواء أكثر هدوءاً، على رغم أن المحتجّين قطعوا طريق بغداد ــــ كركوك لفترة وجيزة، مطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية، قبل أن يعودوا أدراجهم. وتحدثت «المفوضية العليا لحقوق الإنسان» عن ارتفاع معدّلات العنف في بغداد وعددٍ من المحافظات خلال الأيام الأربعة الماضية، لافتةً في بيان إلى أنه «في ذي قار سقط 25 شهيداً و250 جريحاً، وفي بغداد استشهد شخصان وأصيب 92 آخرون». وأضاف البيان إنه في محافظة المثنى أصيب أكثر من 300 شخص، فيما استشهد 4 وأصيب أكثر من 400 في محافظة النجف.
هذه الأحداث دفعت زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، إلى تجديد دعوته لاستقالة الحكومة «حقناً للدماء»، عادّاً خلاف ذلك «بداية نهاية العراق». واعتبر الصدر، في بيانه، «ما يدور في العراق فتنة عمياء بين حكومة فاسدة ومتظاهرين غير سلميين»، ناصحاً المحتجّين بـ«الالتزام بالأخلاقيات العامة للتظاهر». ووجّه «نداءً إلى كلّ شريف في الحكومة بالتنحّي وعدم المساعدة في تحويل العراق إلى سوريا ثانية يرتع فيها قائد ضرورة ويتسلّط فيها الفساد»، داعياً المتظاهرين إلى «الالتزام بالطرق السلمية، وإبعاد ومعاقبة المسيئين من بينهم».