بغداد | عقب إعلان زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، موعد «التظاهرة المليونية» الرافضة للوجود العسكري الأميركي بوصفه احتلالاً للعراق (الجمعة في الـ 24 من كانون الثاني/ يناير الجاري)، أطلقت «الجيوش الإلكترونية» التابعة للسفارة الأميركية ولبعض القوى المحلية حملة للتحذير من هذه «الخطوة التصعيدية»، واعتبارها «دعوة تخدم إيران لا العراق، وتُدخل البلاد على خطّ تصفية الحسابات بين طهران وواشنطن». هذه الحملة، التي كانت قد أُطلقت أولى فصولها مباشرة عقب اغتيال القوات الأميركية نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس وقائد «قوّة القدس» في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني مطلع الشهر الجاري، ازدادت حدّتها خلال الأيام الماضية، مع تصدّر خطاب فصائل المقاومة الداعي إلى طرد القوات الأميركية من البلاد المشهد السياسي. وتقوم حملة تلك «الجيوش» على الترويج لفكرة «حاجة» العراق إلى الأميركيين، كونهم «الضمانة ضدّ تنظيم داعش» أولاً، وضدّ «الميليشيات» ثانياً، وحائلاً ــــ وفق زعمها ــــ دون جعل البلاد ساحة مواجهة بين طهران وواشنطن.مصادر سياسية رأت، في حديثها إلى «الأخبار»، أن الحملة الترويجية للاحتلال جزء أساسي من الهجمة الأميركية على العراق، والتي تشمل تهويلاً سياسياً وأمنياً واقتصادياً متكاملاً، تقوده واشنطن بالتعاون مع عواصم خليجية عدّة بوجه الحكومة المستقيلة برئاسة عادل عبد المهدي، والبرلمان الذي ألزمها بجدولة انسحاب القوات الأجنبية عموماً، والأميركية خصوصاً. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مقرّبة من عبد المهدي أن «الحكومة متمسّكة بتنفيذ القرار البرلماني مهما تكن النتائج»، بعد نيلها الغطاء البرلماني اللازم من جهة، وفي ظلّ اعتبار عبد المهدي أن إنجازاً مماثلاً سيُسجّل في رصيده من جهة ثانية، ووسط ضغوط القوى السياسية التي ستدفع إلى تنفيذ القرار من جهة ثالثة. تمسّكٌ يوازيه تواصل الاستعدادات الميدانية للفصائل، التي تنتظر مآلات الجهود الدبلوماسية قبل أن تطلق «أمر عملياتها» لمواجهة الاحتلال.
مصادر سياسية رأت أن الحملة الترويجية للاحتلال جزء أساسيّ من الهجمة الأميركية على العراق


في هذا الإطار، يُنقل عن مصادر ميدانية أن ««الساعة الصفر بدأت لحظة استهداف الحرس الثوري للجزء الأميركي في قاعدة عين الأسد الجوية»، غرب البلاد. لكن، وفي ظلّ وجود جهود دبلوماسية تقودها الحكومة من أجل تحقيق مطلب البرلمان، فإن «الموعد الفاصل سيكون في الـ 24 من كانون الثاني/ يناير الجاري، أي يوم التظاهرة المليونية»، إذ إن هذا الموعد سيمثل ــــ وفق المصادر ــــ تحوّلاً في الصراع القائم بين العراقيين والأميركيين، وخصوصاً أن «شارعاً ضخماً جدّاً سيكشف عن نفسه وعن مزاجه إزاء الاحتلال، وسيجمع أيضاً مختلف المشارب والتوجّهات لتكريس رفض العراقيين أيّ وجود عسكري أجنبي» على أراضيهم. ولا تستبعد المصادر أن تواصل الإدارة الأميركية ــــ وأدواتها العراقية ــــ «تهويلها» بشتّى الطرق، حتى إنها قد تصل الى حدّ «توجيه مفخّخات» لتثبيط عزم الجماهير، وثنيها عن المشاركة في «المليونية». لكن المصادر تؤكد أن القوى المعنية «ستحشد بكلّ ما أوتيت من قوة، حتى يكون المشهد مرعباً للاحتلال» على حدّ تعبيرها، و«دافعاً للجهود الدبلوماسية، والتفافاً شعبياً حول المقاومة وعملياتها العسكرية».
هذا المزاج، الذي ينسحب أيضاً على الحكومة وجزء كبير من البرلمان، تحاول واشنطن التشويش عليه، سواء بحديثها عن أنها «استأنفت عملياتها العسكرية المشتركة مع العراق» من جهة، وفق ما تم تسريبه ليل الأربعاء ــــ الخميس، أو بإعلانها من جهة أخرى، على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع جوناثان هوفمان، أنه «ليس هناك خطط للجيش الأميركي للانسحاب من العراق في الوقت الراهن». تصريحاتٌ تضعها مصادر مقرّبة من عبد المهدي في إطار «محاولات الفتنة»، والسعي إلى خرق التكتّل الرافض للاحتلال، والذي ولد عقب استشهاد القائدين. لكن المصادر تؤكد أن هذا «لن يمرّ على أحد»، فـ«القوات العراقية لم تستأنف أيّ عمل عسكري مع القوات الأميركية»، والحكومة «ترفض بقاءها». وتختم المصادر بالقول إن «التصريحات المماثلة هدفها زعزعة الصف العراقي، لأن الموقف الحكومي واضحٌ تماماً، ورافضٌ لأيّ وجود أجنبي».