تتالت المواقف الرافضة أيّ تماهٍ مع الخطوات الإماراتية والبحرينية
على أن إدارة ترامب، الذي لطالما أكدت أن «الانسحاب من العراق لن يكون مجّانياً»، لم تكن لتُقدِم على طرح عروضات من ذلك النوع لو لم تجد منفذاً لها إلى هذا الملعب، خصوصاً أنها كانت استطاعت أن تخلق لنفسها مساحةً للمناورة وشراء المزيد من الوقت، مستثمرةً في ضعف الموقف العراقي وغياب أيّ رؤية حاكمة له. وبعدما رفعت شعار استرجاع تكاليف الاحتلال، وانتقلت إلى السعي للظفر باستثمارات في مجالات الطاقة في «بلاد الرافدين»، باتت تُوصل رسائل رسمية إلى العراقيين عن رغبتها برؤيتهم في ركب المُطبّعين، توازياً مع إشهارها سيف العقوبات، وتحديداً على البنك المركزي العراقي.
فضلاً عمّا تقدّم، تُشدّد الإدارة الأميركية على أن أيّ انسحاب لا يمكن أن يكون تحت النار، بل وفق «آليات دبلوماسية»، والأهمّ أن لا يظهر كأنه انتصار لطهران وحلفائها، ولذا فهي تريد انتزاع ثمن له بحجم نقل العراق إلى تموضع استراتيجي جديد. تدرك طهران تلك الحسابات الأميركية، إلا أنها في الوقت نفسه لا تريد إسداء خدمات مجّانية لترامب قبيل الانتخابات، ولذا فهي تحاول - على ما يبدو - المناورة في الميدان، من دون إيصال الأمور إلى حدود المواجهة. أما بغداد، فلا تزال تتمسّك بـ»الحوار الاستراتيجي»، وترفض «أيّ تشويش عليه»، على رغم أنها تدرك أن هدفه تنظيم وجود قوات الاحتلال ليس إلا، والمقصود هنا خفض عديدها ورسم حدود مهامها، بعدما كانت عملت على «ضبط» انتشارها على طول الخارطة العراقية في أعقاب اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. كذلك، تسعى بغداد في «ترويض الجنون الأميركي»، وخصوصاً أن «العراق لا يقوى على مواجهة أزمات وعقوبات جديدة، ستلحق أضراراً جسيمة ليس ببغداد فحسب، بل بطهران ودمشق وبيروت أيضاً»، كما يقول بعض الأوساط السياسية.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا