بغداد | لم يكن مفاجئاً قرار رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إجراء تغييرات أمنية على مستوى قيادات لها الثقل في صناعة القرار. وفي وقت ولّدت فيه تلك التغييرات انقساماً سياسياً، ولا سيما بسبب استبدال شخصيات من مِثل رئيس «خلية الصقور» الاستخبارية «أبو علي» البصري، فإن هناك من يرى في ما جرى رسالة سياسية عنوانها «استبعاد شخصيات مقرّبة من معسكر إيران» في العراق. على أن ما فعله الكاظمي قد يفتح الباب على مصراعيه أمام رجل المخابرات السابق لإطاحة قريبة بفريقه الوزاري، ولا سيما أن هناك استجوابات ستطاول وزراء أبرزهم وزير المالية، علي علاوي، إضافة إلى وزير الكهرباء، ماجد مهدي حنتوش، ومحافظ البنك المركزي، مصطفى غالب مخيف.
يقف وراء تأجيل الانتخابات ضغط سياسي ومشكلات فنية

في سياق متّصل، تقول مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى تشرين الأول/ أكتوبر المقبل يعود إلى تدخّلات القوى والأحزاب في قرار مفوّضية الانتخابات، العاجزة بدورها فنّياً عن إجراء الاقتراع في الموعد الذي اقترحته الحكومة في حزيران/ يونيو، مُقدّرة أن هذه الإشكالات السياسية والفنية قد تكون جزءاً من مشروع لمحاصرة الكاظمي وإطاحة فريقه عبر الاستجوابات، الواحد تلو الآخر. لكن ليس ملف الانتخابات وحده الذي يشكل قلقاً لبعض القوى التي وجدت في «مفوضية الانتخابات» شماعة جاهزة لتحميلها المسؤولية عن تأخير الاقتراع، بل هناك قرار مجلس النواب المتعلّق بجلاء القوات الأميركية من البلاد، إذ إن تطبيق بنود هذا القرار قد يكون معياراً لنجاة الحكومة من الإقالة، خاصة أن واشنطن أبدت مرونة في تقليص قواتها الباقية وقوامها خمسة آلاف جندي.
وبينما ينتهج رئيس الوزراء سياسة متأنّية لتخفيف التوتر مع القوى المقرّبة من إيران، ربّما يدفع تأجيل الانتخابات وإخفاق الحكومة في التفاوض مع الأميركيين، النوّاب الناقمين على أداء الرجل، إلى استجواب وزرائه، كلّاً على حدة، لتبدأ الإقالة الفردية وعملية إسقاط الحكومة بالتقسيط. مع هذا، هناك من يعتقد أن نهج الكاظمي قد يفلح في التعامل مع التحدّيات الحالية، خاصة أن المعسكر الذي يشكّك في قدرة الحكومة على تجاوز الأزمة لا يبدو وضعه أفضل على المستوى الشعبي. واللافت أن غالبية القوى ليست راضية باستبدال الكاظمي راهناً، وذلك بسبب تشابك الملفّات المحلّية والإقليمية، فضلاً عن تفاقم الأزمة الاقتصادية التي قد تُسرّع الخطى نحو الانهيار.