بغداد | على رغم مرور أكثر من 40 يوماً على انتهاء الانتخابات النيابية المبكرة التي أُجريت في العراق في الـ10 من تشرين الأوّل الماضي، لا يزال الجدل حول نتائجها مستمرّاً حتى هذه اللحظة. وفي محاولة لاحتواء التصعيد الذي بدأه فريق المعترضين على النتائج منذ أكثر من خمسة أسابيع بتظاهرات أمام بوّابات المنطقة الخضراء، حضرت مبعوثة الأمم المتحدة، جينين بلاسخارت، اجتماعاً مشتركاً لقوى «الإطار التنسيقي» في التاسع عشر من تشرين الثاني الحالي، حيث بدا الاجتماع مختلفاً بمضامينه عن الاجتماعات السابقة بين الطرفين؛ كون بلاسخارت تسلّمت خلاله ما قال قادة «الإطار التنسيقي» إنها «عشرات الدلائل على التلاعب بنتائج الانتخابات»، لتتعهّد المبعوثة الأممية، إثر ذلك، بعرْض ما تسلّمته في إحاطتها أمام مجلس الأمن. إلّا أنه، ولدى حلول موعد الإحاطة المذكورة، امتنعت بلاسخارت عن تنفيذ تعهّدها، بل ومضت في التأكيد أن «الانتخابات أُجريت في ظروف آمنة ونزيهة»، مطالِبةً الخاسرين بـ«تقبّل النتائج واحترامها وفق السياقات القانونية لمنع انزلاق البلد نحو الفوضى».
عمّقت التسريبات المتعلّقة بتقرير شركة «Hensoldt» الألمانية جراح الأزمة الأخيرة

هذا الموقف أثار سخط قادة «الإطار التنسيقي»، وجدّد الاتهامات للبعثة الأممية بأنها «جزء من مؤامرة لإقصاء أطراف سياسية لحساب أخرى»، فيما رأت فيه الكتل الفائزة عاملاً محفّزاً للمُضيّ في تشكيل حكومة غالبية. وفي هذا الإطار، يوضح مصدر مطّلع، في حديث إلى «الأخبار»، أن «بلاسخارت تُظهر منذ مدّة تناقضاً بين ما تجريه من حوارات في الداخل، وما تبعثه من تقارير إلى الجهات الدولية ذات العلاقة»، واصفاً ما قامت به أخيراً بأنه «محاولة لإثارة الفتنة». ويلفت إلى أن «مسؤولة البعثة الأممية هي مَن طلبت اللقاء مع قادة الإطار التنسيقي، وحثّتهم على تقديم الأدلّة بشأن العملية الانتخابية وما شابها من خروق، وأعلنت تفاجؤها بهذه الأدلّة». وبنتيجة تنصّل بلاسخارت من وعدها بعَرض تلك «الشواهد» أمام مجلس الأمن، علمت «الأخبار»، من مصادر مطّلعة، أن «الإطار التنسيقي سيرسل وفداً يرأسه رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، إلى الأمم المتحدة من أجل تقديم الدلائل على تزوير الانتخابات». وكشفت المصادر أن «من بين الدلائل التي ستُقدَّم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تسجيلاً كاملاً لجلسة الحوار التي حصلت بين أمين عام عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي وبلاسخارت»، مضيفة أن «بلاسخارت طلبت لقاء زعيم تحالف الفتح هادي العامري ليلة الخميس الماضي، من أجل إقناعه بثنْي أطراف الإطار التنسيقي عن هذه الخطوة».
في هذا الوقت، عمّقت التسريبات المتعلّقة بتقرير شركة «Hensoldt» الألمانية، والمشرفة على فحص تطبيقات العملية الانتخابية العراقية، جراح الأزمة الأخيرة، بعد أن تسلّمت مفوّضية الانتخابات التقييم النهائي من قِبَل الشركة، والذي يُظهر أن بصمات أصابع الناخبين لم تُحمل في أجهزة التحقّق، وأن عدداً منها لم يَظهر أصلاً في أجهزة بصمة الناخب، وهو ما منع عدداً من المواطنين من الإدلاء بأصواتهم لعدم امتلاكهم بطاقات بايومترية واعتمادهم على الإلكترونية، في مخالفة لقانون الانتخابات الجديد. كما تَعذّر على الشركة الألمانية، بحسب التقرير، التحقيق في ما إذا كان مقياس التحقّق من البصمات متوافقاً مع البرامج العالمية، علماً أن أجهزة التحقّق جرى تحديث برمجياتها الخاصة بعيداً من إشراف «Hensoldt». ومن بين المشاكل التي ذكرها التقرير أيضاً، أن أجهزة تسريع النتائج تَغيّرت برمجياتها في 22 أيلول و10 تشرين الأول، على رغم أن الشركة أوصت بتغيير البرمجيات لكلّ النظام الانتخابي قبل 6 أسابيع من الاقتراع. أمّا برنامج عرض النتائج فلم يَكن جزءاً من عقد «Hensoldt»، بل تمّ اقتراحه من قِبَل بعثة الأمم المتحدة.