ويأتي تقديم «الكابينة» إلى المجلس، حيث الثقة مضمونة، في الوقت الذي تستمرّ فيه تفاعلات «سرقة القرن»، غداة اعتقال المشتبه فيه الرئيس في القضية، ليَطرح ذلك تساؤلات عمّا إذا كانت حكومة السوداني ستقدّم جديداً على صعيد مكافحة الفساد، الذي لا يَتقدّم عليه أيّ ملفّ في الشأن الداخلي العراقي، من دون أن تَظهر آمال أو توقّعات كبيرة بتحقيق اختراق فيه. وممّا يضاعف حجم التحدّي أمام الرئيس الجديد، والقوى الداعمة له، أن «التيار الصدري» إنّما ينتظر خارج العملية السياسية، رافعاً شعار محاربة الفساد - على رغم أنه كان جزءاً من الحكومات السابقة -، مترقّباً الفرصة لينقضّ على التشكيلة الجديدة إذا ما استمرّ استشراء هذه الظاهرة، وهو بالتأكيد يأمل أن يؤدّي فشل الائتلاف الوليد إلى تزخيم تحرّكه المقبل.
يأتي تقديم «الكابينة» إلى المجلس، حيث الثقة مضمونة، في الوقت الذي تستمرّ فيه تفاعلات «سرقة القرن»
أمّا القوى السياسية العراقية المشاركة في الائتلاف، فيسعى بعضها إلى توسيع دائرة التحقيقات لتشمل رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمي، وعدداً من مسؤولي حكومته، بدعوى تجاوُز مهام تصريف الأعمال، والذي أدّى إلى مِثل هذه السرقات. ويقول القيادي في «ائتلاف دولة القانون»، عباس المالكي، في هذا الإطار، لـ«الأخبار»، إن «إلقاء القبض على عدد محدود من المتّهمين بقضايا فساد كبيرة، في الأيام القليلة الماضية، هو تطوّر جيد وإيجابي، ولكن لا يزال الشارع العراقي ينتظر أن تُطبَّق أحكام صارمة ومشدّدة بحق مَن يتلاعبون بالمال العام»، مطالباً بـ«منع رئيس الوزراء المنصرف، الذي تدور حوله شبهات فساد كبيرة، من السفر إلى الخارج، لأنه تجاوز حدوده وأبرم العديد من الاتفاقيات مع دول الجوار، فيما حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها عقد الاتفاقيات أو إبرام صفقات كبيرة». ويضيف أنه حدثت في ظلّ هذه الحكومة «العديد من الجرائم والانتهاكات للسيادة العراقية وعمليات الاغتيال الواسعة، وبالتالي لا بد أن يُسأل رئيسها باعتبار أنه مسؤول عن أمن وسلامة البلاد»، مشدّداً على ضرورة أن «يقوم القضاء بدوره في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ العراق لأن البلد يعيش انعطافة تاريخية مهمّة».
من جهته، يرى الخبير القانوني العراقي، فيصل ريكان، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «قانون العقوبات العراقي الرقم 111 لسنة 1969 المعدّل، يبقى قاصراً عن محاسبة وكشف لصوص هذا العصر لِما تمتّعوا به من إمكانات هائلة تتيح لهم الإفلات من العقاب، بسبب إسنادهم من مافيات متمرّسة في السرقة عابرة للحدود وتفوق حتى إمكانات الدولة»، مضيفاً أنه «ساعدهم في ذلك عدم قيام مجلس النواب في الدورات السابقة بواجبه الرقابي على أكمل وجه. ويمكن إضافة سبب آخر هو انتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة وتسلّم أشخاص غير متخصّصين مناصب رفيعة بسبب المحاصصة». ويَعتبر أن «كلّ هذه الأسباب واتّباع الطرق البدائية في التعامل المالي، أدّيا إلى تغوّل الفاسدين وازدياد حالات الاختلاس والسرقة بشكل غير مسبوق».