عندما اقترح الزميل محمد زبيب فكرة إنتاج ملحق اقتصاديّ متخصّص، جرى النقاش على خلفية الحاجة إلى فرض بند جديد على جدول النقاش العام. بند يأتي من خارج منظومة القوى المتحكّمة. ولم نكن بحاجة إلى وقت طويل لنتأكّد من ضرورة الأمر، كون «الأخبار» احتلّت موقعاً ليس في صفوف المحاورين أو طارحي الأسئلة فحسب، بل موقعاً متقدّماً في فرض بنود على جدول أعمال البحث، حتى عند من لا يريدون لصوتها أن يكون مسموعاً.الملحق الاقتصاديّ ليس منصّة لصوت مرتفع في وجه من يسرق ثروات البلاد والشعوب ولا منبراً نضاليّاً بالمعنى الهادف إلى استقطاب متضرّرين من السياسيات القائمة. بل كانت الفكرة، ولا تزال، القول لكلّ من يهمه الأمر، من صانعي السياسات إلى المتضرّرين منها، بأن هناك إمكانية، من موقع مختلف فكرياً وسياسياً، لتقديم البديل العلمي الواضح، ومن دون ممارسة الحياد الكاذب.
لم يكن «رأس المال» بحثاً علمياً يُراد له أن يتكدّس إلى جانب ما تقوم به مؤسّسات أو مراكز أبحاث أو فرق أكاديمية. بل هو تعبير عن موقف يتجاوز الإطار النظريّ، ليعرض خيارات حقيقية في المعالجة الممكنة والواقعية. ونجح الملحق، في غضون فترة قصيرة، في فرض نفسه ورقة دائمة على جدول أعمال من يعمل على صنع السياسات. وكان الهدف التالي عكس أفكار بديلة بصورة متكاملة. أي أن يُقدّم الملحق بدائل متكاملة في وجه من يُمسك بقرار السلطة، والذي يوهم الناس بأنّ ما يقدّمه من علاجات وأفكار، إنما هو خلاصة ما هو موجود في عقول اللبنانيين.
ليس صدفة أن يكون المحتوى الذي قدّمه «رأس المال» هو الدسم الفعلي في برامج المحتجين في الشوارع اليوم. وهذا ما يمنحه المعنى الأسمى في مدى قربه من حاجات الناس، في مواجهة سلطة ذات أنياب سياسية واقتصادية ومالية وأمنية واجتماعية وإعلامية وثقافية... لكنها، أيضاً، ذات أنياب أكاديمية حاولت تقديم مقاربات وقراءات للوقائع، بما يتناسب عمليّاً وصاحب رأس المال المسيطر على ثروات الناس.
سيحاول ملحق «رأس المال» المحافظة على رؤيته وهدفه، وستسعى «الأخبار» إلى تطويره وتوفير عناصر نجاحه. وندرك قيمة الخسارة الناجمة عن قرار رفيقنا محمد الابتعاد، لأسباب شرحَها في لقاءات داخلية ولا نجد أنها كافية لتبرير قراره هذا.
«رأس المال» سيستمرّ في المعركة نفسها. وسيبقى منصّة مفتوحة، ليس لمن يرغب، بل لمن يقدر على تقديم البديل عن السياسات القائمة اليوم.
لم يكن «رأس المال» حيادياً، ولن يكون كذلك.

(هيئة التحرير)