في بريطانيا، صعّد عمال سكك الحديد احتجاجهم على الأجور والإصلاحات المقترحة لشبكة النقل. وقال «الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل»، إن أكثر من 40 ألفاً من أعضائه سيبدؤون إضراباً عن العمل في 13 و14 و16 و17 كانون الأول القادم بالإضافة إلى الـ3 و4 و6 و7 من كانون الثاني المقبل. ستؤثر الإضرابات على شبكة السكك الحديدية و14 شركة قطارات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وهي تأتي جنباً إلى جنب مع إضراب عن العمل الإضافي، من 18 كانون الأول حتى 2 كانون الثاني المقبل، ما يعني أن العمال سيرفضون ورديات عمل إضافية خلال فترة العطلة.

أما في الولايات المتحدة، فإن غضب العمال معقّد أكثر ويتنامى إلى قطاعات عدّة. كما أنه يأخذ طابعاً مثيراً، إذ إن تلك البلاد، جهازها العصبي، يكره النقابات ويمقتها. ومن هنا، قد يخيّل لنا أن كل إضراب كبير داخل الإمبراطورية هو انتفاضة.
كانت آخر مرة أضربت فيها خطوط السكك الحديدية الأميركية عام 1992. يومها استمر الإضراب حتى تدخّل الكونغرس. كما أنه لم يحدث إضراب طويل للسكك الحديدية الأميركية منذ قرن، ويرجع ذلك جزئياً إلى قانون صدر عام 1926، جعل من الصعب على العمال الإضراب.
المحادثات الجارية بين شركات الشحن والعمّال يقودها البيت الأبيض. وقد هدّدت النقابات بالإضراب إذا لم يتم الاستماع إلى طلباتها. واللافت هنا، أن الأجر ليس هو النقطة الشائكة الرئيسية.

بالأرقام

2 مليار دولار يومياً
هي الكلفة التي سيتكبدها الاقتصاد الأميركي بسبب إضراب عمال سكك الحديد وفق تقديرات خطوط السكك الحديدية في أميركا،
700 ألف وظيفة
هو عدد الوظائف التي ستخسرها الشركات المصنّعة التي تعتمد على سكك الحديد إذا استمر إضراب سكك الحديد لشهر، بحسب تقرير أعدّته مجموعة تجارية للصناعات الكيماوية

بل مكتسبات العمال وحقوقهم، وخاصة الإجازات المرضية المدفوعة الأجر، والتي حُرموا منها أيام الجائحة، ولم يتم تعويضهم عنها حتى الآن. يوم الإثنين الماضي، رفضت واحدة من أكبر نقابات السكك الحديدية اتفاقاً حاول إبرامه البيت الأبيض، وانضمت إلى ثلاث نقابات أخريات قاموا بالمثل. وبالتالي، يمكن أن يبدأ إضراب كبير في 9 كانون الأول المقبل. وسيتأثر المستهلكون وكل الصناعات تقريباً، إذا توقفت قطارات الشحن الشهر المقبل. كذلك سيتأثر الركاب الذين سيبقون عالقين لأن العديد من خطوط السكك الحديدية للركاب تستخدم مسارات مملوكة لسكك حديد الشحن. المخاطر كبيرة على الاقتصاد لدرجة أنه من المتوقع أن يتدخل الكونغرس ويفرض شروطاً تعاقدية على عمال السكك الحديدية.
تحاول بعض الشركات الأميركية الالتفاف على الإضراب قبل أن يبدأ، عبر تحويل شحناتها من القطارات إلى الشاحنات الكبيرة. وبمعزل عن أن هذه الخطوة تكشف سوء نية هؤلاء، إلا أن الأمر يستحيل تطبيقه. فقد قدّرت مجموعة التجارة التابعة لرابطة السكك الحديدية الأميركية، أن هناك حاجة إلى 467 ألف شاحنة إضافية يومياً للتعامل مع كل ما تقدمه خطوط السكك الحديدية. ذلك أن سكك الحديد تشحن نحو 40% من كل الشحنات داخل البلاد كل عام، وهو أمر يصعب استبداله في سنوات عدة ناهيك خلال شهر.
كذلك تشهد الولايات المتحدة إضرابات للعمال في أكثر من 100 فرع لـ«ستاربكس»، في أكبر إضراب عمالي لهم منذ أن بدؤوا حملة لتكوين نقابات بينهم في أواخر العام الماضي. يقول العمال إنهم يسعون إلى الحصول على رواتب أفضل وساعات عمل أكثر مرونة ومستويات توظيف أعلى في المتاجر المزدحمة. وخططت المتاجر في 25 ولاية للمشاركة في الإضراب العمالي، وفقاً لـ«Starbucks Workers United»، المجموعة المنظمة لهذا الجهد. ويضرب بعض العمال طوال اليوم بينما يقوم آخرون بعمل إضرابات أقصر.

لم يحدث إضراب طويل للسكك الحديدية الأميركية منذ قرن

وعلى مقلب رأس المال، قامت «ستاربكس» بإغلاق متجرها في سياتل لأن الموظفين تجمعوا في نقابة، وبررت ذلك بحجة «مخاوف تتعلق بالسلامة. هذه ليست سوى البداية. وسيكون هناك المزيد» كما قال الرئيس التنفيذي، هوارد شولتز، في فيديو نُشر على «تويتر». منظمو النقابات يرون هذه القرارات بأنها محاولة من الشركة للرد على جهودهم. وقال عمال «ستاربكس يونايتد» في بيان: «هذه هي الحالة الأكثر وضوحاً لانتقام الشركة بعد دخول العمال إلى صفوف النقابة». ردّ عمال «ستاربكس» جاء من خلال تنفيذ إضراب في جميع أنحاء البلاد ليوم واحد.
يذكر أن جهود عمّال «ستاربكس» ألهمت العمال على التوحد داخل نقابات في بعض متاجر «آبل» و«Chipotle» و«Home Depot». وبالتوازي، نفّذ العاملون الأكاديميون في جامعة كاليفورنيا إضراباً مفتوحاً دخل في أسبوعه الثاني. المفاوضون يمثّلون نحو 48 ألف مساعد تدريس وباحث وموظف إداري وسواهم.