نسينا تماماً
نسينا، تماماً، كيف تتنفّسُ الرئةُ الصغيرةُ لقَلَمِ الحبْرِ القديمِ خُطُوْطَ العالَمِ الأدْنى والأقْصَى كليهما. اليوم عاودتُ غَمْسَ أصابعي في ماءِ الحبْرِ، بعد أنْ كنتُ أكتبُ بالرمادِ على ورقةٍ مغسولةٍ بالمطرِ:
فاغرَ الفم مثل القربةِ اليابسة
مشدوداً مثل عجلةِ الدراجة الهوائية
محموماً مثل بطنِ الجرادة.


بائعُ البدلات الجوّال

دَخَلَ الذئبُ المخمورُ «بارَ الباش»1، حاملاً على كتفه قِماشَ البدلةِ المُغْمَى عليها أسيرةً من غنائم الامبراطورياتِ الآفلة. ها هو ذا ذئبٌ ثَمِلٌ يُلقِّنُ الروّادَ فِقْهَ القماشِ اللمّاعِ الذي تسيل ألوانه على أطراف أنوفهم، يدورُ على طاولاتٍ ذات سيقانٍ كأعمدةِ الشمْعِ، وشخوص يترنّحون على كرَاسٍ كالقوارب:
هل رأى الحبّ سكارى
لا لم يرَ، بدلات سكرى
هل رأى، لا، لم ترَ.


أريجُ عضوكِ السريّ

شوارب الهرَرَةِ التي تتلمّس، في ظلمتها الفسفورية، جدرانَ المقلاةِ تستحِقُّ، مِثْلَكِ، أبْذَخ من هذه المأدبة. يا لِسَمَاجَةِ أفلاطون. المِجَسَّاتُ الحَسَّاسَةُ تَبْعَثُ بإشاراتها للأركانِ الأربعةِ، كأنّما عُضْوُكِ السِّرّيُّ الفَاخِرُ. المِجَسَّاتُ التي تَتحَسَّسُ وتَتجَسَّسُ وتَتَلمّسُ:
نفضتْ عن نفسها رطوبةَ الرذاذَ
انتفضتْ في دفءِ اللحافِ القطنيّ
فاضتْ بالطمى والغرينِ التبْرِ.

8-1- 2016 تونس، قابس


شاكر لعيبي
شاعر عراقي*
1 بار الباشا، حانة شهيرة في مدينة قابس، جنوب تونس. القصائد من مجموعة جديدة مُعدّة للنشر