■ لنبدأ من روايتك الجديدة «الكافرة» التي نقلتَ فيها الحدث إلى بلجيكا حيث تقيم منذ فترة. بطلا الرواية صوفي (فاطمة العراقية) هاربة من جحيم التكفيريين، وأدريان (اللبناني) الهارب من ذكرى أبيه في الحرب الأهلية، ماذا قدم لك هذا اللقاء في الخارج من ممكنات على صعيد الموضوع والكتابة؟
ـــ على صعيد الموضوع وفّر لي المسافة، ما أدعوه بمسافة الفهم. وهو ما يصنعه التحول في المكان. ذلك أننا على الدوام نصبح في مكاننا جزءاً من موضوعاتنا. وهذا ما يصنع العماء، والغفلة والتلاشي بسبب الاعتياد على مشاهد بعينها. التحول إلى ثقافة أخرى يضعك في موضع قلق، في اللاموضع. هذه المرحلة القلقة تسمح لك بالمقارنة التي تقود حتماً إلى رؤيا جديدة مختلفة كلياً عما يطلق عليه «الرؤيا المحكومة بإنتاج الأمة الأدبي»، وهو الأدب الذي يتأسس على الحدود واللغة والخريطة السياسية، والذي يضع معايير للثقافة بخط صارم. فالمكان هناك جعلني أنظر وأعاين وأدقق من زاوية مختلفة تماماً. على صعيد الكتابة، أنا لا أرى الإبداع وجهة نظر شخصية، إنما هو تحليل لتاريخ النوع الأدبي وبالتالي لتاريخ الكتابة، لذا راجعت ما كتبته خلال عقد كامل أنتجت فيه إحدى عشرة رواية، بالنظر إلى تاريخ الكتابة. فلو بقيت في الأسلوب ذاته سوف أسقط في النمط، لذا قررت الخروج عن طريق تجريب أشكال سردية أخرى.

■ البعض قد يرى أنك تستثمر لحظة راهنة صالحة للتسويق والدعاية من خلال رواية تتحرك على خلفية الصراع الذي يجري اليوم مع التزمت الديني والإرهاب. ألا يبدو لك هذا موضوعاً يمتلك جاذبية مسبقة وجاهزة؟
ـــ نعم، أتفق معك، هذا صحيح. ولا أرى ضرراً في ذلك. البحث عن الموضوعات الجاذبة، واللافتة، والصادمة هو من صلب العمل الأدبي من وجهة نظري. وأنا أفرق هنا تفريقاً جوهرياً بين الموضوعات الحالية، ذات الطبيعة المؤقتة، والزائلة، وبين الموضوعات المستدامة تاريخياً وثقافياً. موضوعة التزمت الديني والإرهاب، وموضوعة العنف في ثقافتنا بشكل عام: عنف الجماعات الأهلية، الغل الجماهيري، احتقار المرأة، عنف السلطة، البيئة العنيفة التي أنتجت ثقافة عنيفة، ومتأخرة، وغير قابلة للتبدل والتحول، ليست موضوعات حالية، أبداً. إنما هي موضوعات مستدامة تاريخياً وبنيوياً في ثقافتنا. وروايتي هنا، وإن بدت تستثمر في الحدث السياسي الحالي، إلا أنها في الواقع نوع من البحث عن جذور هذا العنف، وموضعته في سياقه التاريخي والثقافي والاجتماعي.

■ لوهلة تبدو الرواية كأنها لقاء بين الشرق والغرب، وتذكّرنا بروايات عربية أخرى؛ أهمها «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، ولكن كشف حقيقة أن أدريان من أب لبناني تأخذ الرواية إلى منعطف آخر، وتقدم لنا «رواية مهاجرة» أكثر انغماساً في الواقع والذاكرة، ومكتوبة كما في عدد من رواياتك الأخرى بمنطق سردي يخلط السياسة بالسوسيولوجيا والتجريب والحداثة. هل خطرت لك هذه الخلفية السردية وأنت تكتبها؟
ـــ أبداً. الروايات التي تعنيها كانت تختزل العلاقة بين الشرق والغرب في إطار معادلة واحدة، نفوذ عسكري استعماري وهيمنة ثقافية كاسحة تنتج ردود فعل جنسية في غاية الابتذال والرجعية في النظر إلى المرأة والجسد والحرية بشكل عام. كان جيل المثقفين العرب في الخمسينيات والستينيات جيلاً ريفياً ساذجاً طرح موقفاً من الغرب يدعو إلى التهكم والسخرية، موقفه إزاء الغرب في هذه الروايات، هو موقف صدمة، وانبهار، واندهاش، ورفض، وانكسار. وتعلق بطهرانية زائفة موجودة في مكان ما في الشرق. وهو ذاته الذي حملنا في ما بعد أكلافاً باهظة في تقبل سلطات محلية، وثقافة استبدادية جاهلة وفاسدة ومترهلة. روايتي مختلفة كلياً، لا تعتمد على مواقع ثقافية متقابلة ومتصارعة، إنما ترتكز إلى العلاقة بين أفراد مع ثقافاتهم بالاستناد إلى محاكمة التاريخ والذاكرة. الغرب هنا هو مجال ثقافي، تحدث على جغرافيته بعض أفعال الذاكرة، مثلما الشرق هو مجال ثقافي آخر، حدثت على جغرافيته بعض أفعال التاريخ. مع اعتراضي المنهجي على هاتين العبارتين الغامضتين، شرق غرب. لكن حتى البطلة فاطمة أو صوفي، كانت تعامل الرجال من الشرق والغرب بوصفهم ذكوراً، أي أن العقلية الذكرية واحدة، مع الاختلاف الثقافي في استخدام هذه العقلية وتوجيهها نحو جسد المرأة.

البحث عن الموضوعات الجاذبة، واللافتة، والصادمة هو من صلب العمل الأدبي


■ إلى أين وصلت في روايتك هذه داخل مشروعك السردي الخاص؟
ـــ هي نقطة تحول في عملي السردي، انعطافة سواء على الصعيد الثيمي، أو من خلال وجهة النظر، أو الرؤية السياسية. على الصعيد الثيمي، تناولت نصوصي الروائية الطبقة الوسطى، مصائر الحداثة، المفهوم الأنثربولوجي للمثقف، المقابلة بين التاريخ الشفاهي والتاريخ الرسمي، ومحاولة إعادة كتابة التاريخ الثقافي والاجتماعي والسياسي للعراق عن طريق النقد والمراجعة. وجهة النظر كانت تستند على الدوام إلى الخبرات الشخصية ومبنية على ضمير المتكلم. التحول هنا هو عدم إيماني بالتغيير السياسي، فالتغيير السياسي في العالم العربي لا يقود إلى الحريات مطلقاً، إنما يقود على الدوام إلى قوى فاشية جديدة تعيد التاريخ مرة أخرى، وأحيانا بصورة أكثر وحشية، حيث لا يتأسس التاريخ على نظرة عقلانية إنما يتأسس على العنف والقسوة والإكراه. وبالتالي فإن ما يقود إلى الحريات هو التطور الروحي، ولا ينتج هذا التطور الروحي إلا من خلال الفن، وفي قلب هذه المعركة هو التحول في النظر إلى المرأة. لذلك ترى جانبين في هذه الرواية: تطور في أساليب الكتابة وفي زاوية النظر، حيث تروي المرأة تاريخ العنف من خلال حركة التاريخ على جسدها هي.

■ لعل هذا يقودنا إلى أطروحتك عن كتابة رواية عربية ما بعد حداثية منذ باكورتك «بابا سارتر». إلى أي حد تتجنب في رواياتك فكرة «الحدوتة» والإنشاء اللغوي والأيديولوجيا لصالح كتابة منفتحة وساخرة وملموسة وحيّة أكثر؟
ـــ نعم أردت أن أتجاوز نصوص الماضي. النصوص المتخشبة الخالية من الحياة، المزروعة وسط غابة لغوية من الإنشاء، والخطاب الأيديولوجي المنفر، نزعت مباشرة نحو كتابة حية، تتنفس وتتحرك. كنت أريد تحويل الوقائع الميتة ــ تاريخ، صحافة، إعلانات، أزياء، روسيتات ــ إلى وقائع ليست جامدة. ربما بكلمة، بحركة من يد، بقفزة، بأحجية، بتسجيل ألفاظ غير مألوفة، بتدوين أخطاء اللسان. شعرت في لحظة ما أن الرواية هي النص الذي يصغي إلى نبض العالم، النص الذي يرحب بأخطاء التكوين، من الرجال الساخرين إلى النساء العابثات. كنت أرحب بالساخر حتى وإن كان بيد واحدة، أو بقدم واحدة، أو حتى بوجه من دون أنف، على ألا أخلق النص المتجهم: المنضبط والمصنوع. وأدركت مهنة الروائي على ألا يكتب باليد فقط، إنما بالعين والآذان، وأن يلتقط التناقضات النادرة: مثل وجه ضاحك وسط الجنازات. عليه أن يحول أي فضلة صغيرة من حكاية مهملة إلى قميص، إلى فستان، إلى بذلة. عليه أن يصون السقط الذي يتهاوى من أحداث اليوم، أن يلتقط كل ما يقع على الرصيف، أن يحرك الجامد في زمن له القابلية على الخلود، أن يرى ما وراء الرأس وليس الكتلة الجامدة. هكذا كان شعوري، كل مرة أجلس أمام الورقة البيضاء.

■ على الضد من هذه السمات، هناك شعرية واضحة في «الكافرة»، هل هذا عائد لكونها قصة حب، أم حاجة سردية؟
ـــ لنقل إنها حاجة نصية أو تجريبية. حينما تحولتُ من القصيدة إلى الرواية، حاولت محاربة أي شعرية في كتابتي، ونزعت بعض الأحيان لكتابة نص يصل إلى حد التجلد العظمي. في تلك اللحظة، كنت مهووساً بتحديد النوع الأدبي قبل كتابته. كان هاجسي الأول هو تعريف الرواية، الرواية كجنس أدبي هو غير القصيدة. لذلك استنتجت على نحو صارم أن الكتابة الشعرية في الرواية هي مثل تركيب رأس قطة على جسد كلب. ولذلك تخليت كلياً عن نظام الاستعارات في اللغة، وعن التحليل النفسي، وحاولت بناء نظام آخر يقوم على الأفعال، والتشخيص البصري، وبناء حبكة منضبطة بشكل رياضي تسير وفق آلية حسابية دقيقة.
هذا التصالب شعرت به من فترة وجيزة بدأ يتقوض في داخلي. شعور حسي بالعودة إلى اللحظة الثرية التي يمنحها الشعر، وهي لحظة مليئة بالتناقضات، وميول لمحو الأشياء المتكلسة، والبحث في كتابة تنشأ بعيداً عن هذا التوتر، والخوف من التسمية. كتابة تضع كل الأشياء على مسافة واحدة. أن تكون حركة كامنة في اللغة وليست مفروضة على اللغة، حركة لعبية تكشف عن انشطارتها الداخلية من دون أن تتخلى عن مركزها، دون أن تمحو الشخصيات أو تغيب الحبكة.

■ في رواياتك، هناك دوماً خصوبة سردية وإحالات ونقد للتاريخ ومراجعات للسيرة والهوية والذاكرة. ما هي المؤثرات التي لعبت دوراً أساسياً في تجربتك؟
ـــ الأعمال التي أثّرت بي كثيرة. منها عربية مثل لغة الشعر العراقي عند: السياب، سعدي يوسف، حسب الشيخ جعفر وسركون بولص. أفدت كثيراً من الترجمات الأولى للمسيحيين الشوام إلى اللغة العربية، وكذلك من البلاغة العربية في ترجمة الكتاب المقدس: الإنجيل والتوراة، وأنا أقول إن عربيتي هي عربية مسيحية، أفادت كثيراً من تطوير الكتّاب المسيحيين لبلاغة عربية مفارقة للبلاغة القرآنية. أما في الرواية، فأنا لا أزال أعتقد بأن الكتابة لا تنشأ من فراغ، إنما من أحكام صارمة تتأسس على معرفة النوع أو الجنس الأدبي، ومن قراءة منضبطة لتاريخ الكتابة. الكثيرون يحيلون كتابتي إلى مؤثرات فرنسية، بسبب دراستي للأدب الفرنسي، وحياتي في بيئة عائلية فرنكوفونية حتى في العراق. هذا صحيح من جهة النثر الحي، والتعلق بالصور الحسية، واللغة البصرية، مثل الفصول الأولى من رائعة مارسيل بروست، ولغة آرتو الاحتفالية، وكل ما كتبه موريس بلانشو وجورج باتاي، ولوي ـ فيردونو سيلين، هذه آثار عامة. ولكن الأثر الصارم هو للرواية الوثائقية الأميركية. جون دوس باسوس، ترومان كابوت ونورمان ميلر. أثناء كتابتي لـ«حارس التبغ»، كنت أقرأ رواية «أنشودة الجلاد» لنورمان ميلر، وقد راعني انسحاره بالجريمة، وكان الاحتلال الأميركي للعراق آنذاك في ذروته، فحاولت أن أكتب رواية تعتمد الوثيقة أيضاً، ولكنها تنسحر بالضحية. لنقل إنها إنسانية الأدب الفرنسي وفلسفته التنويرية مركبة على الرواية الأميركية السلوكية.

التغيير السياسي في
العالم العربي لا يقود إلى الحريات مطلقاً، إنما يقود على الدوام
إلى قوى فاشية جديدة

■ هل هذا يفسر ما قلته منذ فترة على صفحتك الفيسبوكية عن غياب أي أثر ملموس لنجيب محفوظ على الرواية العراقية؟
ـــ نعم بالتأكيد. والأمر ليس انتقاصاً من نجيب محفوظ، لكنه حكم التاريخ. أنا على الصعيد الشخصي، لم أقرأ نجيب محفوظ منذ صغري مثلما يكتب أغلب الروائيين العرب، وعن أثره فيهم. قرأته متأخراً وبترجمته الإنكليزية والفرنسية وليس بالعربية، ولكني قرأت من جهة أخرى يوسف إدريس وخيري شلبي وإبراهيم أصلان، أما الرواية المحفوظية فبقيت بعيداً عنها، وأكاد أجزم بأن الرواية العراقية نجت من آثار الرواية المحفوظية، والسبب أن مصادر الأدب العراقي مثل الأدب اللبناني خارجية دائماً، ليست عربية على نحو كلي. نزع الأدب العراقي باكراً نحو أصول إنكليزية وأميركية مثلما نزع الأدب اللبناني إلى أصول فرنسية. ولهذا الأمر أسباب كثيرة، منها التنوع الإثني والطائفي للبلدين، التغيرات السياسية ونظم التعليم، وهيمنة أيديولوجيات غربية ماركسية أو ليبرالية على الوسط الأدبي. من جهة أخرى، تتضمن هذه القضية تشابكاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً، ذلك أن الرواية المحفوظية رواية عائلية، تصور السلطة البطريركية داخل العائلة، أي الدور، والمجال الذي يصنعه الأب في السياق العائلي. هذا الأمر ينطبق كثيراً على مصر وعلى مناطق واسعة من العالم العربي، بينما سلطة الأب في العراق انتهت كلياً مع نشأة سلطة الدولة الاستبدادية، وأُزيح الأب عن الواجهة. فذهبت الرواية العراقية المبكرة لتصوير سلطات متنوعة، كما هي روايات فؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان وقصص محمد خضير.

■ ألا تظن أن العراق ظل «شاعراً» بالنسبة إلى القارئ العربي؟ السرد العراقي تأخر في الوصول بسبب طغيان الشعر وروّاده العراقيين.
ـــ بالتأكيد. من الناحية التاريخية أيضاً: الشعر سبق الرواية. وسبق بصورته الذائعة والمعروفة نشأة الدولة الوطنية الحديثة في العراق. أما الرواية العراقية، فقد نشأت بشكلها الناضج بعد الثورة الوطنية. وهكذا من وجهة نظري تكمن أهمية الشعر العراقي بوصفه المعبر عن مفهوم الأمة في العراق، وبقي كيانه لا يتزحزح طالما كانت الدولة القومية قوية، ولم يتقهقر إلا بتقهقر الأيديولوجية العربية بعد عام 1991، وسمح للرواية بالنمو في سياق ارتبط على الدوام بإحياء الأصوات المقموعة والمهمشة، وكشف زيف المنظومات المهيمنة على القوى الاجتماعية والثقافية، الدينية أولاً، والحكومية ثانياً، سواء تلك التي ارتبطت بالسلطة الاستبدادية، أو تلك التي ارتبطت بالتحيزات المغلقة (أيديولوجية، طائفية، عرقية...). ويمكن أن نقول إن الرواية في العراق على خلاف جميع المنظومات الأخرى استطاعت إنتاج هوية وطنية محددة الملامح إلى حد كبير، ومنذ زمن مبكر أيضاً، ولكن وصولها الى العالم العربي تأخر كثيراً. وبصعوبة كنت أشرح أحياناً، لأصدقائي من أقطار أخرى، كيف قلب الروائيون العراقيون التاريخ الرسمي، سواء الذي كتبته النخب المتأثرة بالسياسات الاستعمارية أو النخب المتأثرة بالمنظومات الدينية التي تعتمد التوارث والتقليد، إذ ظهرت نخبة أدبية (من روائيين وكتّاب قصيدة نثر) أنتجت مفاهيم محلية متصلة بالتاريخ الشفوي المنسي الذي استبعدته النخب الوطنية الحاكمة، وتمكنت من ابتداع لغة مغربة عن اللغة التي كتبت بها النصوص التراثية، بل عكس خطاب الرواية العراقية صراع الطبقات، والتحيزات الدينية والفئوية، وحاول أن يجعل من المرويات والسرود المختلفة مرآة عاكسة لأحوال المعدمين في المدن والأرياف، ومنذ زمن مبكر اهتم بتبعية المرأة، والجماعات المهمشة والمقصية وكل الجماعات التي لم تنتج تاريخا مكتوباً، وأراد على الدوام أن يفضح التاريخ الرسمي الذي دوّن في ضوء التصور الاستبدادي للعراق. ولكن كل هذا بقي بعيداً عن متناول القارئ العربي.

■ بعض رواياتك تترجم إلى لغات أخرى: «بابا سارتر» صدرت عن دار «لو سوي» الفرنسية، وقريباً ستصدر عنها أيضاً رواية «حارس التبغ». ماذا يعني لك ذلك، وهل تلحظ تغييراً ما في اختيار الرواية العربية للترجمة؟
ـــ «بابا سارتر» صدرت العام الماضي عن «دار لو سوي»، وحظيت بمراجعات جيدة، وهذا العام ستصدر «حارس التبغ». والروايتان كلتاهما مترجمتان للإنكليزية منذ سنوات، ولكن الترجمة الفرنسية قدمت لي على الصعيد الشخصي الكثير، فأنا أعيش في بلد فرنكوفوني، والترجمة في دار مرموقة جعلتني في تواصل مع الناس هنا ومع طائفة كبيرة من الكتّاب، وسهلت عملي في المسرح. أما التغيير فهو واضح. كانت الترجمات حصرية للأدبين المصري واللبناني، فالأدباء العرب هم الذين أقنعوا العالم الغربي بأن طليعة الأدب العربي هي في لبنان ومصر، واحتل هذان الأدبان واجهة الترجمات لسنوات طويلة، نشهد الآن انقلاباً واضحاً لصالح الأدب العراقي، ولا سيما للجيل الجديد، حسن بلاسم وصموئيل شمعون ومحسن الرملي وإنعام كججي.