أوجيرو نوناكل ترجمة: محسن بني سعيد
ولدت أوجيرو عام 1920 ولقبها نوناكل، في إحدى قبائل سكان أوستراليا الأصليين (الأبوريجين)، تحت اسم كاثلين جين ماري روسكا في جزيرة ستراندبروك في ولاية كوينزلاند. تركت المدرسة لتعمل خادمة لقاء أجر زهيد. بدأت أوجيرو كتابة الشعر عام 1950، وهي أول شاعرة من الأبوريجين يُطبع لها كتاب. أصدرت مجموعتها الشعرية «ذاهبون» عام 1964 بمساعدة الشاعرة جوديث رايت.

حققت المجموعة نجاحاً سريعاً، اذ بيع منها عشرة آلاف نسخة، ما جعل من أوجيرو الكاتبة الأكثر مبيعاً على مستوى أوستراليا. ثم أصدرت ديوانها الثاني «الفجر بين أيدينا» عام 1966. بعد تحقيق الشهرة في عالم الشعر، أصبحت أوجيرو ناشطة في الميدان السياسي دعماً لحقوق السكان الأصليين والعدالة الاجتماعية. ألفت كتباً مخصصة للقراء الصغار مثل «زمن الحلم في ستراندبروك» و«السماء الأب والأرض الأم» و«أفعوان قوس قزح» وكتاب تاريخ أوستراليا غير المكتوب «أساطير أرضنا الأخرى». نالت أوجيرو الكثير من الجوائز التقديرية من مؤسسات الفنون والآداب والجامعات الأوسترالية. وفي عام 1993، توفيت أوجيرو في بيتها في جزيرة ستراندبروك، بعد حياةٍ سطَّر فيها شعرها ونشاطها السياسي سيرة مميزة ورائدة:

إننا ذاهبون

«إلى الجدة كُولوَل»
أتوا المدينة الصغيرة
أنفارٌ شبه عراة أذلّة صامتون،
هم ما تبقى من قبيلتهم
أتوا هنا حيث أرض مراسيمهم العتيقة
حيث كُثر من البِيض يتزاحمون كالنمل
اليافطة على وكالة العقارات تقول: «ارمِ القمامة هنا».
القمامة الآن تغطي نصف ما تبقى من أرض المراسيم العتيقة
جلسوا مرتبكين، لا يتسنّى لهم البوح بأفكارهم: كالغرباء هنا نحن الآن وقبيلة البيض هي الغريبة
هنا ننتمي، نحن الطرائق العتيقة
نحن الكوروبري وأرض المراسيم
المراسيم المقدسة العتيقة نحن، قوانين الكبار
القصص العجيبة لزمن الحلم نحن، أساطير القبائل تُروى
الماضي نحن، حملات الصيد والطرائد الضاحكة، نار المخيم الهائمة
البرق نحن على تلة گابمباه
خاطفٌ ومرعب،
والرعد يليه، صاحبه المزمجر
الفجر الهادئ نحن، يصفّر الهور المعتم
أشباح الظل نحن، نزحف عائدين حين تخبو نار المخيم
الطبيعة نحن والماضي، وكل الطرائق القديمة
ذهبنا وتبعثرنا
ذهبت الشجيرات والصيد والضحكة
ذهب العُقاب والإميو والكنغر من هذا المكان
اندرست أرض المراسيم
الكوروبري أيضاً
ونحن ذاهبون.

شجرة الصمغ

شجرة الصمغ في شارع المدينة
قدماك أحاط بهما قارٌ صلد،
حريٌ أن تكوني في العالم البارد لأروقة الغابة المورقة
والطير البري ينادي
هنا تبدين لي كحصان جرّ العربات ذاك
مخصيٌ، مكسور،
شيءٌ ارتُكبت الأخطاء بحقه
تلفّهُ الأحزمة،
جحيم يستطيل،
ينِمُّ رأسه المتدلي ومعرفته الفاترة
عن تعاسته
يا شجرة صمغ دار البلدية،
محزنٌ
أن أراكِ بحالٍ كهذه
قائمة على العشب الأسود للقار
آه يا مواطنتي،
ماذا فعلوا بنا؟

امرأة الوور

باهوري الصياد غادر التل
لأن السماء الغربية احمرَّت،
والعالم صار حزيناً وساكناً
تهامست الأشجار حين مرَّ بينها
موحشاً كان المكان،
سمع صراخ الزقزاق
توقف وحدَّق،
هناك في الخضرة امرأة غريبة وقفت ترقبه
أَحبَّ ما رأى
استدارت وركضت قليلاً ثم انتظرت، ونظرت إليه
«اتبعني ، اتبعني»، بدأت تقول
«لا بد أن أتبعها» قال. «ستقطن في أحلامي الى الأبد إن تخليت عنها الآن»
ثانيةً ركضت وانتظرت ثانيةً. قادته وأغوته
أبدى نصف رغبة ونصف خوف
إلى أن قطع ماء الطريق
هور المرأة الوور الصامت حيث لم يغامر أحد ليلاً أو نهاراً
بعيداً، رأى وميض الماء. «اتبعني، اتبعني» بدأت تقول
باهوري تبعها كما الحالم
على الماء المعتم ركضت برفق ثم توقفت على الماء
توقفت ترقبُه
«الآن رأيت، الآن أعرف أنها من ناس الظل»
وحين لاحت مثل سلوى ودية نار مخيم قبيلته الحمراء
رحَّبوا به ونادوه باسمه
إلا أن باهوري بدا مستلباً
لأن مَن أمامه الآن غرباء
وجوهٌ لم يعرفها من قبل أبداً
سمعوا قصته بعيونٍ كلها عجب
ابتسم البعض،
إلا الكبار هزّوا رؤوسهم
وتنادوا جانباً
قالوا «إنها علامة الكبر»
باهوري رأى امرأة الوور
ميتاً سنجده بعد ثلاثة أيام.