وصلنا زحفاً إلى النقطة الصفر. وجدنا العالم كما وُعدنا به.
تقريباً: بالَ بعض الأشقياء في سراويلهم وهَذَوا كمجانين في ليلة عرس.
بصق الضيوف بارتياح على هواتفهم الذكية متضرعين لإله مبهم.
أحوال الطقس وقرقعة الكؤوس لم تشف الغليل، لكن، لاحظنا أن قلوب القتلة، كلهم وليس بعضهم، ما زالت تنبض بالرحمة.
النحيب الخافت تحت المخدة في آخر الليل.
المؤخرات البضة التي تخفق في مكان هش في الرأس.
نظرات الأخت المفترسة.
والبيرة البيرة البيرة البيرة تحتل النهار بلا مقاومة.
ثم تقول أم كلثوم: لا تشغل البال بماضي الزمان.
ويأتي جلال مثقلاً برُمان غريب ونكات لا تضحك أحداً.
صبَرنا على باريس وباريس لم تصبر علينا.
لم نعد نصلح للمدن.
اتفقنا بسرعة على هدنة مهينة واحتمينا بالجانب المضيء من الصفر.
ركضنا في الاتجاه المعاكس للبيرة، وانحنت لمرآنا جبال سوداء.
غمرتنا الدهشة وخرجنا عن الخط الذي رسمناه وعُدنا،
بدون أسباب مقنعة، للحب من أول نظرة.
ثم عادت أم كلثوم برجالها الغلاظ وأنواع منحطة من الصراخ.
تُهنا ولم نعرف من أين نبدأ هذه المرة.
تُهنا ككلاب.
عاكستنا الاتجاهات جميعها وفقدنا مزيداً من الوعي.
عدنا إلى البيرة: بيرة، بيرة، بيرة.
ثم بيرة أخيرة
إلى أن خفتت الموسيقى واتضحت بعض التفاصيل.
عدنا ثم عدنا ولا أحد اهتم بغنائمنا الكئيبة.
تضاعف حزنُ أحد موتانا، فدفعنا له المزيد من الكؤوس تحت القبر.
صديقك هو جيبكَ يا عبد الإله ، يهمس النادل وسط الرفاق الأعداء.
والذين أحبونا تعلموا كثيراً من الشهداء وأفلام البورنو الرخيصة.
الغباء عذر لا يكفي أمام كل هذا الانهيار.
والروايات رخيصة.
ثم تعود أم كلثوم للمرة الألف
رغم جبال البيرة في هذا الفندق المصنف بخمس نجوم
ولا مناص هذه المرة من الحديث عن الله
ودفع بقشيش لأحمد كي يظل مبتسماً.


* شاعر مغربي