هناك نوع من البكاء والشكوى كان يتسرب إلى رسائل فرانز كافكا (1883 ــــ 1924) لعشيقته ميلينا جيسينسكا. والحق أنّ الرسائل التي رافقت علاقتهما بين 1920 و1923، كانت أشبه بحقل تجريبي لصراعات وهواجس وشكوك داخلية من تلك التي صنعت رواياته وأدبه. الحب يعني «أن تكوني بالنسبة إليّ، سكّيناً أقلّب به ذاتي» كما كتب في إحدى رسائله القاتمة إلى جيسينسكا الصحافية والمترجمة الشابة العشرينية التي تعرّفت إليه في أحد مقاهي براغ، حين كانت تهم بترجمة بعض أعماله إلى التشيكية. شكلت العلاقة واحدة من أشهر قصص كافكا العاطفية، خصوصاً بعد وفاته، حين أعطت ميلينا الرسائل إلى صديقه ماكس برود الذي نشرها في كتاب بعنوان «رسائل إلى ميلينا» عام 1952. انطلاقاً من هذه الرسائل التي كشفت جوانب من شخصية الروائي النمساوي، أنجز الفنان والفوتوغرافي الأميركي دوغ هال أعمال معرضه «رسائل في الظلام: فرانز كافكا وميلينا جيسينسكا». يضم المعرض الذي تحتضنه «غاليري بيرنوبي» النيويوركية حتى 29 شرين الأول (أكتوبر)، شريطي فيديو بالأبيض والأسود، ومجموعة صور فوتوغرافية تستحضر رسائل العاشقين التي صارت لاحقاً فصولاً من الألم والسأم، ملتحقةً بحبّه العقيم مع الألمانية فيليس باور.