آسيا جبّار: بوّابة الذكريات

  • 0
  • ض
  • ض

رغم تنامي شهرتها في باريس، إلا أن لغة آسيا جبار (1936 ــ 2015) الفرنسية بقيت تنضح بالنفَس العربي. ثمة روح عربية وذهنية جزائرية سكنت رواياتها وأفلامها ومسرحياتها ودراساتها الأكاديمية، وتأصلت أكثر في رسم ملامح شخصياتها، وعوالم حيواتها البسيطة. الروائية التي كانت أول كاتبة عربية تدخل الأكاديمية الفرنسية (2005) ـ قدس أقداس اللغة الفرنسية ــ راحت تطوع لغتها الفرنسية لقضايا المرأة في الجزائر والعالم العربي عموماً، كما في ثلاثيتيها الروائيتين («الحب والفانتازيا»، و«ظل السلطانة» و«بعيداً عن المدينة المنوّرة» ــــ و«ما أوسع السجن»، «بياض الجزائر» و«نساء بلا كفن»). ومن الحركة النسائية التي خرجت من رحمها في الستينيات، استوحت فيلمها «نوبة نساء جبل الشنوى» الذي حاز جائزة النقاد في «مهرجان البندقيّة السينمائي» (1979). في مرات كثيرة، تحدثت جبّار (اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء إيمالاين) عن علاقتها باللغة العربية. علاقة حميمة مع اللغة الدارجة تحديداً، حملتها معها من منزل العائلة حيث «كان والدي يتحدث مع أمي بالعامية». في أكثر رواياتها ذاتية «لا مكان في بيت والدي» (2008)، نبشت جبّار دفاتر عائلية قديمة، أتيح لنا قراءتها بالعربية حين صدرت بعنوان «بوّابة الذكريات» (تعريب الأكاديمي محمد يحياتن) عن «دار فسيفساء». بالتعاون مع هذه الدار، أعاد «المركز الثقافي العربي» قبل أيام، طباعة النسخة العربية التي تتبع سيرة فاطمة التي ترعرعت في كنف أب معلّم، وأم راقية تكشف لها سحر الأعراس النسائية. الفتاة التي نشأت مع شغفها بالكتب، ستواجه السلطة الأبوية، ومنظومة مجتمعها القيمية التي تحاول أن تمحو شخصية المرأة لأنها «عورة». في هذه السيرة الروائية، سنقرأ كيف تحاول الفتاة التمرد على المنظومة المتصلبة، عبر تسكعها مع رفاقها الشبان بعد ساعات الدرس، قبل محاولتها الانتحار. هذه الذكريات تشكل العوامل الأساسية والظروف التي أسهمت في صقل شخصية أولى النساء اللواتي تقلّدن منصباً أكاديمياً في الجزائر بعد الاستقلال.

0 تعليق

التعليقات