تواصل ياسمين حمدان (1976) في «الجميلات» استكشاف موسيقاها الخاصة، باحثة عن التجدد بشكل دائم. بعدما غاصت في عالم الأغنيات القديمة والاستعادات، اتخذت في ألبومها الجديد اتجاهاً آخر هذه المرة. عندما بدأت العمل على الألبوم، كانت لا تزال تقوم بالجولات مع الفرقة وكان ذلك في عام 2015.
سجّلت في أماكن عدة بين نيويورك وبيروت وباريس، وأنهت في لندن النسخة الأولى للعمل في أيار (مايو) 2016. صدوره العالمي كان في آذار (مارس) الماضي، ولكنه لم يصدر في لبنان إلا رقمياً عبر تطبيق «أنغامي»، إذ إن عملية إطلاق ألبوم في لبنان أصعب وتستغرق وقتاً أطول.
عن حبّ المغامرة والاستكشاف، تقول الفنانة في حديث الى «الأخبار»: «تعوّدت أن يكون كل ألبوم أنجزه مختلفاً عما سبقه. هذا ما يحمسني تحديداً. أن أجرّب أموراً جديدة وأن أعمل مع أشخاص مختلفين. صحيح أن الأمر يختلف هذه المرة، ولكن النمط هو نفسه. جرّبت الكثير من الأفكار والتركيبات الموسيقية. كما أنّ الموسيقيين لعبوا دوراً في ذلك، إذ تبادلنا الأفكار، مما أعطى مساحة للارتجال الى حدّ ما. وأعدت العمل كثيراً على المادة بعد التسجيل. في أعمالي السابقة، كنت أسجّل صوتي كثيراً وحدي. ولكن هنا اختلف الأمر مع المنتجين الذين عملت معهم في لندن. كان هناك الكثير من التسجيل المباشر. فكنت أؤدي الأغنية كلها من البداية حتى النهاية، مرات عدة، من دون توقّف، لأعتمد النسخة النهائية. سابقاً، كنت أغنيها وأتوقف وأعود اليها بعد أسبوع لأبدّل بعض الأمور. كانت تجربة ممتعة. في كل مرة أجرّب شيئاً جديداً، أشعر بالحماس الذي يمنحني أفكاراً أخرى ورغبات. ثم أنني أحبّ السيطرة على الامور، لذلك أتيت بـ80 في المئة من المادة جاهزة قبل مقابلة المنتجين. خفت أن تضيع الأمور مني، خصوصاً أنّني تعلّمت من تجارب سابقة أن الأشياء يمكنها أن تفلت مني بسهولة في حال لم أكن أعرف جيداً مسبقاً الى أين أريد الذهاب».
كليب أغنية «بلد» الواردة في الألبوم (إخراج إيليا سلميان) صدر قبل فترة، ويعطي لمحة عن روحية الألبوم ومضمونه. هنا نرى حمدان مواطنة لبنانية تشكو المعاناة اليومية في مدينة تشدّها وتبعدها في الوقت عينه. تضع نفسها في صورة المواطن الخائب الذي يشعر بالإحباط إزاء كل ما يحيطه من نزاعات واستغلال في البلد، من دون أن يكون قادراً على فعل أي شيء ليغيّر الوضع.

شعوري تجاه بيروت يمزج بين الحنان والحب والانزعاج العميق (ي. ح)

الكليب متقن، متناغم مع الكلام لا يخلو من بعض الفكاهة كذلك، يبدأ بمشهد نرى فيه حمدان عالقة وسط زحمة سير خانفة وسط العاصمة: «لا أعيش في بيروت، ولكن علاقتي معها لم تنقطع يوماً. أغنّي بالعربية ولجمهور معيّن، هو دائماً في بالي. هناك حوارات أحاول تخليدها وهي أساسية في عملي كما في حياتي. أذهب كثيراً الى لبنان. في الفترة الأخيرة، كان من الصعب المكوث لفترات طويلة فيها، ولكن أحاول ألا أقطع هذه العلاقة. أنا بحاجة الى هذه الصلة والمكان الذي أجد فيه الإلهام والمادة. وبما أنني لم أعد أقود في بيروت، كلما أتيت، أستقلّ سيارة أجرة، حيث أصغي الى الكثير من الاحاديث. فالسائقون يملكون وجهات نظر ويحبون الكلام، وكثيراً ما أجد كلامهم مثيراً للاهتمام. هو مكان يلتقي الناس فيه. ويقولون أحياناً أموراً تؤثر فيّ كثيراً وأحسّ بها. شعرت أنه بإمكاني أن أستوحي من هذه الشخصيات».
يضمّ الألبوم 11 أغنية أبرزها «بلد»، و«دوس»، و«لا بعدن»، و«إذا»، و«كافيه». أما الآلات، فترواح بين تلك الاكوستيك والالكترونية، من إيقاعات وغيتار وكمان وأورغ وغيرها.
عملت حمدان على نصوص الاغنيات جميعها الموجودة في هذا الألبوم، باستثناء «الجميلات» (عنوان الألبوم) المبنية على نص لمحمود درويش. كلمة الجميلات تختزن معاني إيجابية بالنسبة الى الفنانة والكثير من الطاقة الايجابية. كما أنّها من أغنياتها المفضلة في العمل، لما تحويه من رسائل تفاؤل. في نظرها «المشاكل موجودة دائماً والحياة صعبة. صحيح أنّ هناك من يعيش تجارب أصعب من غيره. حتى أغنية «بلد» مثلاً فيها نوع من العتاب، والأمل كذلك. هناك الكثير من الحنان أيضاً. شعوري تجاه بيروت يمزج بين الحنان والحب. هو المكان الذي أشعر بالانتماء إليه، ولكن في الوقت عينه، هناك انزعاج عميق. وأظن أن الكثير من الناس مثلي. فالأحاسيس قد تكون غنية بالتناقضات أحياناً. والشاعر في «الجميلات» يتكلم تحديداً عن الجمال الموجود في التناقضات. لذا بدا الامر منطقياً تماماً أن أجعل من الأغنية عنواناً للألبوم».

* حفلة ياسمين حمدان: 20:30 مساء اليوم ـــ «غراند فاكتوري» (الكرنتينا)
«احكيني موسيقى»: غداً الجمعة ــ 18:00 ــ «دار النمر للفن والثقافة»