تقف الحيوانات على أقدامها، وتلبس البذلات وربطات العنق، وتنام على الأسرّة. هكذا يصوّر رسام الكوميكس الفرنسي جيروم روييه (1966) أوروبا وسكانها في استقبالهم الحيوانات الأخرى القادمة من الطرف الآخر من العالم. قصته المصوّرة «الغريب» (2016) التي نقلت إلى اللغة الإنكليزية أخيراً عن دار Drawn & Quarterly الكندية، تتخذ موقفاً راديكالياً من الممارسات العنصرية تجاه قاطعي البحار والحدود. انتفاء أي اسم أو صفة عن بطله الكلب المجهول، هو إشارة إلى غياب أدنى اعتراف بوجوده.

كما هو متوقّع، لا يتكلّم الكلب لغة البلد الغريب الذي يتوه فيها. لكن من يجيدها من المواطنين لا يعثرون على كلمات مناسبة لمناداته بها، سوى «الغريب». عبارة تلاحقه في الطرقات وسيارات الأجرة كما لو أنه غير مرئي. الإسقاطات واضحة. إنه لاجئ آخر. يحاول جيروم التعويض عن قصص وحيوات وأرواح تسلبها الأرقام وجودها في العادة. يكشف تدريجاً عن حياة الكلب الداخلية التي تلتقي مع أناس كثر في قصة خرافية تصلح لأزمنة مختلفة. رغم رسوماته العبثية بأقلام الرصاص التي تبدو كخربشات على دفتر قديم، يجد الفنان متّسعاً لمواجهة الواقع. يدرج أقوالاً وعبارات متطرّفة وعنصريّة لمارين لوبان ونيكولا ساركوزي، كما ينطق حيواناته بشهادات حقيقيّة للاجئين ورجال شرطة ومواطنين. عند صدور كتابه بالفرنسية، علّق روييه: «أنا على اقتناع بأنّ الأفكار السلبية تتغذى دوماً من جهلنا، تاركة الملعب واسعاً للكليشيهات الأكثر عبثية. الاختلاف يخيفنا دوماً، وهو الموضوع الأساسي في كتابي. هذا ما يهمني، وتحسين حياتنا رهن بتحسين الصلات التي تربطنا معاً. لكننا لا نفعل ذلك. رفضنا الغجر قبل قرون، والـ«بلا أوراق» منذ سنوات، وها نحن نشهد على صعود الإسلاموفوبيا. هذا مؤسف فعلاً».