ترجمة: سارة حبيب
كل الأشياء الجميلة
كل الأشياء الجميلة سيكون لها نهاية
كل الأشياء الجميلة ستذوي وتموت
وحتى الشباب، هذا الذي نبذّرهُ الآن بجسارة،
سوف نستجديه أكثر وأكثر مع الوقت.
النساء الجميلات سيأخذهن النسيان قريباً
والزهرات الذهبية ستصير غباراً حين تموت
أجمل الأجساد والورود ستتعفن
وشباك العناكب ستحجب أكثر الأذهان اتقاداً.
ارجع، أيها الحب الحقيقي! عدْ، أيها الشباب الجميل!
لكن الوقت يمضي، وسيمضي، غير مكترث
بالرغم من أن الأيدي ستُمدّ، والعيون ستتحسر،
والأيام الموحشة ستجعل القلوب الحقيقية تنزف.
ارجع، أيها الحب الحقيقي! أيها الشباب الجميل، ابقَ!
لكن الزهرة الذهبية والأقحوانات تذبل،
وفوقها يهبُّ مطر الخريف،
إنها تمضي، تمضي، دون أن تدري إلى أين.

الموسيقى التي سمعتُها
إن الموسيقى التي سمعتُها معك كانت أكثر من مجرد موسيقى،
والخبز الذي تقاسمتُه معك كان أكثر من مجرد خبز؛
الآن وأنا بدونك، كل شيء أصبح موحشاً؛
كل الذي كان يوماً جميلاً جداً، أضحى ميتاً.
يداك يوماً ما لمستا هذه الطاولة وهذه الأواني الفضية،
ولقد رأيت أصابعك تحمل هذا الكأس.
إن هذه الاشياء لا تتذكرك، محبوبتي،
ولكن لمستك فوقها لن تزول.
لأنك في داخل قلبي تحركتِ مع هذه الأشياء،
وباركتها بيديك وعينيك؛
وفي قلبي سوف تتذكر دوماً،
أنها عرفتك يوماً، أيتها الجميلة الحكيمة.

الغرفة
عبر تلك النافذة- حيث كل شيء آخر منقرض
فيما عدا النافذة و أنا- رأيتُ صراع
الظلام ضد الظلام.
داخل الغرفة، دار ودار، وغطس للأسفل.
ثم رأيتُ
كيف النظام - إذا ما رغبت الفوضى- سوف يصير.
ورأيت الظلام يتحطم فوق نفسه،
منكمشاً بقوة؛ حتى بدا كما لو أنه
قتل نفسه، ببطء، وبكثير من الألم.
الألم. المشهد كان الألم، ولا شيء إلا الألم.
وما الذي سيكون غيره، عندما تسحب الفوضى كل القوى للداخل
لتشكل ورقة شجر واحدة؟...
لأن الورقة أتت
وحيدة ولامعة إلى الغرفة الفارغة؛
بعد حين انطلق الغصن منها؛
ومن الغصن انطلق الفرع؛ ثم الجذع،
ضخماً وغليظاً، ثم أخيراً ظهر الجذر الأسود الواحد.
الجذر الأسود حطم الجدران. الفرع اندفع عبر النافذة:
الشجرة العظيمة أصبحت هي المالكة.
شجرة الأشجار!
تذكر (عندما يحين الوقت) كيف ماتت الفوضى
لتشكّل الورقة اللامعة. ثم استدر، ولتكن لديك الشجاعة،
لتلفَّ الأذرع والجذور معاً، انتفض من الحزن،
واسترجع الفوضى من هذا الشكل.
سأقوم بالمشاهدة حينها كما أنا أراقب الآن.
وسأمجّد الظلام الآن، لكن حينها سأمجد الورقة.

النحات
انظر، كيف أن النحات ينقش زهرة،
جناحاً، ضفدعاً، عين أفعى،
في الغرانيت القاسي، ليكشف
الأشياء الرقيقة التي توجد في القساوة،
وهكذا كذلك يأخذ النحات قلبه،
هذا الذي قد جعله الوقت والتغييرُ حجراً،
وينحت منه بهذا الفن الحزين،
مشتغلاً على مدار العام وحيداً،
ذلك الشيء المخبأ فيه، زهرة، ضفدع، أو جناح؟
يد ضفدع على كرّاسة من الزنبق؟
نحل في شبكة عنكبوت؟ لا شيء من ذلك!
فالشيء الذي حصل عليه كان رأس فتاة،
صغيراً، وبشكل جميل وكثيف متوجاً بالشَعر،
ناعساً، بعينين نصف مغلقتين، بينما
تنظران داخلك وأبعد منك، وبشكل واضح
إلى شيء أبعد من كاثي:
رأتك، ولكن اعتبرتك لا تستحق
الرؤية، وظلت تفكر كل الوقت
كيف أن الجمال، كما الزهرة، يولد؛
ومع التفكير بهذا، تبدأ بالابتسام.
أوه ميدوسا**! إنها لم تستطع أن ترى
العالم الذي حوّلتْه إلى حجر ورماد.
كل ما استطاعت رؤيته كان شجرة
أزهرت تحت البرق المضيء.
وهكذا حلمت بأن وجهها هو شيء جميل
لتعبده، لتبكي عليه، أو لتحطمه.
من الأفضل إذن أن ينقش النحات مخلباً، جناحاً،
أو حتى، إذا مكنّهُ القلب، أفعى.

* كونراد أيكن (1889 ـــ 1973) روائي وشاعر وكاتب مسرحي أميركي. حائز جائزة «بوليتزر للشعر» عام 1930.
** ميدوسا: في أساطير الإغريق كانت بنتاً جميلة، غير أنّها مارست الجنس مع بوسيدون في معبد أثينا. وهذا ما جعل أثينا تغضب، فحولتها إلى امرأة بشعة المظهر وحولت شعرها إلى ثعابين، وكان كل من ينظر إلى عينيها، يتحول إلى حجر.