فتحت باب الصباح، دخل نهار تائه. صباح الخير أيها الليل البعيد.
■ ■ ■

وجدت علاقة مفاتيح في الشارع فيها حرفا A و M وتحمل مفتاحين. التقطتها وجلست في البار القريب لربما يمر صاحبها وتُحسب لي حسنة. في الأثناء، اخترعت أسماء وسيناريوهات كثيرة وأنا أحدق بها. استقريت أخيراً على متخيّلَين، لدينا هنا ألبرتو وماريا، يحبان بعضهما ويعيشان سوياً. ماريا تحب النباتات الخضراء في المنزل، وألبرتو يعمل مدرب سباحة، أو مهندساً، أو عاطلاً عن العمل الآن، ثم يحدث شيء ما على الطريقة الهوليوودية المعروفة، كأن تصاب ماريا بالجنون حين تبدأ نباتاتها بالحديث معها والغناء ولا يصدقها أحد، ويوقع ألبرتو مفاتيحه وهو يهرع إليها. وقبل أن أضيف وأحذف في رأسي، وصل صاحب المفاتيح وهو يجول بعينيه في الأرض، كان فتى يافعاً بعينين رماديتين وقد شكرني كثيراً.
..إلى اللقاء ألبرتو.
لربما كان علي أن أدس ورقة في جيبه أخبره فيها أن النباتات حقاً تتحدث مع ماريا.
أنتوني تابييس ـ «الروح الكاتالانية» (مواد مختلفة ــ 1971)

■ ■ ■

لأسلوب هو بيضة القبان في ميزان الأمور وهو قادر على حسم النتائج في أحيان كثيرة، وكما هو في الأحداث والوقائع كذلك في الكتابة لا يقل جوهرية عن الجوهر، إنه شكل عيش الانفعالات والحياة وشكل تقديمها، فنّ لمن يتقنه وهوية أفراد ومجتمعات ونتاجات.

أكتب هذه المقدمة وعيني على أساليب التأنّق في الحفل القذر لأنفسنا المنهارة.
■ ■ ■

في مكان آخر ما، تطير الصخور لتتزوج الغيوم/ ثم تمطر تماثيل تطأ الأرض وتتحطم/ هذا المكان كيف أصل إليه؟
■ ■ ■

تأتي القوة من مكان غالباً ما يكون نقطة الضعف التي تقضي حياتك وأنت تحاول أن تمحوها وتتجاهلها . هي دائماً الخوف، من المواجهة، من الموت، من الحياة، من الصراصير، من الألم، الفشل أو الضمير. اذهب إلى فناء حياتك الخلفي ستجد أكواماً من القوة التي تكاد تصدأ، تكفيك لتستيقظ كل صباح وتعاود كرّة هذا العدم من جديد.
■ ■ ■

روّض الإنسان نفسه بمهارة، ورغم أنه لا يزال يحمل السوط في بلاطه لكنه لا يزال أيضاً يربي الوحوش في قبوه مثلما تربي الفئران صغارها.

لو أن أحد الموتى يعود ويخبرنا ماذا هناك لربما هدأنا، لكننا مرعوبون ونسقي الشر دموعنا، وسنفعل أكثر من هذا بعد.
■ ■ ■

سيبدأ الناس بالتجمع تحت شرفتي بعد قليل. المطر الذي لم يتوقف منذ ساعات لا يعني شيئاً هنا. سيعزفون ويغنون ويسكرون ويرقصون مثل كل ليلة سبت. أحياناً أنضم إليهم وأحياناً أكتفي بالوقوف على الشرفة أسمع وأرى، وأحياناً أغلق الباب بإحكام وأضع صوت حيتان في أذني.

لكني الآن لا أحب البحر ولا الزحام. أظنني سأقف الليلة على الشرفة.
■ ■ ■

السماء اليوم غائمة وهائمة على وجهها مثل عبارة «تقنيات الشعر». على ذكر الشعر، فهو لا يستطيع أن ينقرض لأنه شكلٌ جوهري للروح وغيابه يعني شكلاً ميتاً للحياة، لذلك حتى الطغاة والقساة والمجرمون أحبوا الشعر وكتبوه. أنا أيضاً أحب الشعر وأكتبه، إنه أمر يسمح لي بالوحدة متى أشاء على الأقل، وبفضح العالم ونفسي انتقاماً أو حماساً. بالعودة إلى السماء، فالنظر إليها يثير شهية الشعر دائماً ومهما كان حالها. كل هذا الصمت الشاسع فوق رأسي، وطيور جارحة وحيدة هناك، حتى الطائرة تبدو مثل قصيدة. لكن هناك أيضاً سماء الحرب.. كان علي ألّا أتذكر سماء الحرب.
* سوريا/ لبنان/ برشلونة