ترجمة: سلوى ياسين
حكاية السجق المسروق
أنشأ الرجل الإيطالي الذي اشترى لابني بيتاً في بروكلين، سقيفة في الباحة الخلفية للمنزل من أجل معالجة وتجهيز السجق المدخن. في إحدى الليالي، وفي خضم موجة من أعمال التخريب والسرقات، تم اقتحام السقيفة وسُرق السجق. في اليوم الموالي، تحدث ابني مع صاحب البيت عما حدث مبدياً تعاطفه تجاه تضرره من السرقة التي نتج عنها اختفاء النقانق. لكن صاحب البيت الذي أظهر الكثير من الإذعان والرصانة تجاه الحادثة، صحح لابني قائلاً: «لم تكن نقانقَ، كانت سجقاً». بعدها، تم التطرق للواقعة على صفحات أشهر المجلات المحلية باعتبارها واحدة من حوادث المدينة المسلية. تحدث المقال عن سرقة مؤونة من أحد البيوت، وأطلق عليها اسم «نقانق». عرض ابني المقال على مالك البيت الذي لم يكن قد اطلع عليه بعد. بدا الرجل مهتماً وسعيداً لأن المجلة رأت في الواقعة خبراً مناسباً للنشر على صفحاتها، وعقّب مصححاً: «لم تكن نقانق، كانت سجقاً، سجقاً».

حكاية رويت لي من طرف صديقة
حكت لي صديقتي قصة حزينة عن جارها الذي بدأ علاقة مع شخص غريب يعيش على بعد مئات الأميال، في ولاية كارولاينا الشمالية على وجه التحديد. تم التعارف بين الرجلين عبر خدمة المواعدة على الإنترنت. في البداية، تبادلا الرسائل ثم الصور، وسرعان ما أصبحا يُجريان محادثات كتابية طويلة. بعدها تحدثا عبر الهاتف. فاكتشفا أن لديهما الكثير من الاهتمامات المشتركة. كانا متوافقين عاطفياً وفكرياً ومرتاحين سوياً، حتى إنهما انجذبا لبعضهما البعض جسدياً بالقدر الذي تتيحه صورهما المتبادلة عبر الإنترنت. فحتى اهتماماتهما المهنية كانت متقاربة، لأن جار صديقتي يعمل محاسباً وصديقه الجديد كان أستاذاً مساعداً للاقتصاد في كلية صغيرة. بعد مرور أشهر قليلة، كان واضحاً أنهما في حالة حب حقيقية. وأصبح جار صديقتي مقتنعاً بـ «أنه حب العمر» على حد تعبيره، لدرجة أنه مع حلول العطلة، رتب للسفر جنوباً ليقابل حبيب الإنترنت. خلال الرحلة، اتصل جار صديقتي بصديقه مرتين أو ثلاث مرات وتحدثا طويلاً إلى أن انقطعت فجأة المكالمة بينهما.

إِدوارد هوبر ــ «الجهة الشرقية من الداخل» (أقلام على ورق، 1922)

حين وصل الرجل إلى المطار، لم يجد الحبيب في استقباله. انتظر طويلاً، قام باتصالات متكررة من دون أن يتلقى أي جواب، مما دفعه لمغادرة المطار والاتجاه صوب منزل الرجل. حين وصل هناك، طرق الباب مرات عديدة من دون إجابة. جالت حينها في ذهنه احتمالات كثيرة. عند هذه المرحلة من الحكاية، شعرت أن هناك أجزاء مفقودة. لكن صديقتي استرسلت لتخبرني أن حبيب جارها توفي جراء نوبة قلبية وهو يتحدث إلى طبيبه الخاص عبر الهاتف. لما عرف جارها بالحادث عبر أحد السكان أو ربما كانت الشرطة هي من أخبرته، شق طريقه نحو المشرحة المحلية حيث سمح له بمشاهدة صديقه. حينذاك وجد نفسه وجهاً لوجه مع رجل ميت، كانت المرة الأولى التي شاهد فيها الشخص الذي كان مقتنعاً أنه سيصير رفيقه مدى الحياة.

ما تم تدوينه خلال مكالمة هاتفية مع أمي
للصيف تحتاج: فستاناً جميلاً من قطن قطن نققط قونطط طقونطط طونقط طوقنوط طقنط طقنط طقطن قنطوط

على متن القطار
نحن متحدان، هو وأنا، رغم أننا غريبان عن بعضنا البعض، ضد المرأتين في المقعدين المقابلين لنا اللتين تتحدثان عنا وبشكل فاضح؛ سلوكات شائنة. في وقت لاحق من الرحلة، نظرت إلى الرجل الغريب فوجدته واقفاً في الممر يضع أصبعه داخل أنفه، أما أنا فقد كنت أُسيل صلصة الطماطم من البرغر على الجريدة: «عادات سيئة». في الحقيقة، لم أكن لأخبركم عن ذلك لو كنت أنا من تضع اصبعها في أنفها. نظرت مرة أخرى إلى الرجل الغريب فوجدته ما زال منهمكاً في العبث بأنفه. أما بالنسبة للمرأتين، فهما تجلسان الآن جنباً إلى جنب في المقعدين المقابلين لمقعدي. نظيفتان ومنظمتان واحدة تقرأ مجلة والأخرى كتاباً «كما لو كانتا بريئتين».

سوزي براون تحل بالبلدة
ستحل سوزي براون بالبلدة، ستحل لتبيعنا سلعها. سوزي براون ترحل بعيداً. كانت ترغب في بيعنا المرتبة الملكية، هل نحتاج فراشها الملكي، هل نحن بحاجة إلى الفراش العثماني؟ هل نرغب في اقتناء لوازم الحمام تلك؟ حان الوقت لنقول وداعاً لسوزي براون، لقد استمتعنا بصداقتها، وأحببنا حقاً دروس التنس التي منحتها لنا.

(*) كاتبة ومترجمة أميركية، نالت جائزة «مان بوكر الدولية» (2013)، أصدرت أكثر من مجموعة قصصية ونقلت فلوبير وبروست إلى الإنكليزية.