ترجمة: رشيد وحتي
1. الذاكرة الهائمة
[03 كانون الثّاني]
في اليوم الثّالث من عام 47 قبل الميلاد، دمّر الحريق أشهر مكتبة في القدم.
كانت جحافل الرّومان قد اجتاحت مصر، وفي إحدى معارك يوليوس قيصر ضدّ شقيق كليوباترا، انتهبت النّار الجزء الأكبر من آلاف آلاف البرديّات الملفوفة في مكتبة الإسكندريّة.
ألفي سنة بعد ذلك، اجتاحت الجحافل الأميركيّة الشّماليّة العراق، وخلال الحرب الصّليبيّة لبوش ضدّ عدوّ اختلقه بنفسه، أحيل الجزء الأكبر من آلاف آلاف كتب مكتبة بغداد رماداً.
طيلة تاريخ البشريّة، لم يكن من ملاذ وحيد للكتاب في بلوى الحروب والحرائق: كانت المكتبة الهائمة فكرة وزير فارس الأعظم، أبي القاسم إسماعيل، نهاية القرن العاشر.
باعتباره رجلاً نبيهاً، كان هذا الرحّالة الذي لا يكلّ، يحمل معه مكتبته معه. 400 جمل محمّل بـ 117 ألف كتاب، في قافلة طولها كيلومتران. كانت الجمال تشكّل أيضاً سجلاً شاملاً: كان كلّ من قطعان الجمال الـ 32 يحمل العناوين التي يستهلّها حرف من حروف الأبجديّة الفارسيّة الـ 32.

بورتريه لادواردو غاليانو (Deviant.art)


2. الطّبل
من سواحل أفريقيا، سافر حتّى أيدي وذاكرة عبيد مزارع أميركا.
منع هنالك. كان إيقاع الطّبل يفكّ من كانوا مربوطين ويعطي صوتاً لمن كانوا محكومين بالصّمت؛ وكان ملّاك النّاس والأرض متيقّنين أنّ هذه الموسيقى الخطيرة، التي تنادي الآلهة، تعلن التمرّد.
لذلك كان الطّبل المقدّس غافياً، مخبّأ.

3. التّفسير
كتب الرّاهب الدومينيكانيّ أنطونيو دي لا هويرتي، سنة 1547، بصدد غرابات القارّة الأميركيّة: يبدو، يوم خليقتها، أنّ زند الربّ ارتعش قليلاً.

4. أبواب موصدة
في أغسطس 2004، شبّت النّار في مركز تجاريّ بأسونسيون في الباراغواي.
ارتفع عدد الموتى إلى 196.
تمّ تسكير الباب كي لا يتيسّر لأحد أن يخرج بدون أن يدفع.

5. أقنعة
الأقنعة، في أفريقيا السّوداء، هي الوجوه الحقيقيّة. الوجوه الأخرى تحجب، الأقنعة تفضح.
وفق الطريقة التي ننظر بها إليها، رأساً أو جانبيّاً، من أعلى أو من أسفل، تكشف الأقنعة الأفريقيّة، بسحر فنّيتها، عن مختلف الأشخاص في كلّ شخص، الحيوات والميتات الّتي تحويها كلّ حياة، ذلك أنّ كلّ واحد، هو في الحقيقة، أكثر من واحد، وأنّ الأقنعة لا تعرف الكذب.

6. صُنِعْنَا من ريح
[31 كانون الثّاني]
في مثل هذا اليوم، من 1908، ولد آطاهوالبا يوباناكي.
كانوا، في الحياة، ثلاثة: هو، القيثار والحصان. أو أربعة، إن عددنا الرّيح.

* من مجموعة «أبناء الأيّام»، دار Sigolo XXI، مكسيكو، 2011