على موقعه الإلكتروني، يقدّم «المتحف الفلسطيني» في بيرزيت متحفاً موازياً آخر. آلاف الوثائق البصرية والمكتوبة والخرائط والسرديات التي بدأ برقمنتها منذ افتتاحه سنة 2016. خيار الرقمنة ليس إلا واحداً من وسائل قليلة متاحة أمام المتحف لمدّ جسور مع الأفراد خارج فلسطين، وفي الداخل الفلسطيني في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي. إنها محاولة لمشاركة محتوياته من الإرث الثقافي والفني والتاريخي، كمساهمة منه في لمّ شتات الأرشيف المحلّي المُستلَب والمقطّع جرّاء الأحداث التاريخية في البلاد. أرشيف المتحف لن ينتهي على الرفوف، والحفاظ عليه لا يقتصر على حمايته من الأضرار أو بالاكتفاء بعرضه فحسب. لا يتوقّف المتحف عن العمل على تفعيل هذا الأرشيف ومساءلته وإعادة إحيائه وبعثه من خلال محاضرات ولقاءات ومعارض عديدة تعيد قراءة الماضي بأشكال مختلفة.


«امرأة وطفل من عائلة الخطيب» (9 أيار/ مايو 1951 ــ من أرشيف المتحف)

ضمن هذا السياق، يقيم «المتحف الفلسطيني» مجموعة من الندوات واللقاءات الإلكترونية خلال شهر أيلول (سبتمبر) الحالي. الأرشيف بكامل طبقاته وسياقاته وتحوّلاته المحليّة خصوصاً، هو العنوان العريض لعدد من المحاضرات واللقاءات والورش المقبلة. تحت عنوان «الأرشيف نظرياً، الأرشيف فلسطينياً» يقدّم الأكاديمي سليم أبو ظاهر محاضرة (على تطبيق zoom) في 16 أيلول الحالي. يتناول أبو ظاهر فيها فلسفة التاريخ الاجتماعي والتحوّلات الاجتماعية والجغرافية ودورها في الكتابة التاريخية. تعدّ المحاضرة مدخلاً أساسياً لفهم التصوّرات المتعلّقة بفهم ومقاربة وتفكيك البنى المعرفية والسرديات التاريخية الكبرى، خصوصاً في سياق الأرشيف المحلّي. وانطلاقاً من عمل المتحف المكثّف على رقمنة أرشيفه الورقي، تسعى ورشة «الحفاظ على الأرشيف عن بعد» (24 أيلول) إلى مشاركة خبرات المتحف مع المؤسسات والمختصين حول الحفاظ على الأرشيف وأهميّته في فلسطين والعالم العربي. الورشة المتخصّصة يقدّمها أمين المجموعات في «المتحف الفلسطيني» بهاء الجعبة حيث سيعرّف المشاركين بمشروع «الترميم من أجل الرقمنة» الذي ينفّذه المتحف، ويتضمّن لمحة شاملة عن التعامل مع المواد الأرشيفية. هناك موعد آخر مع بهاء الجعبة، بالاشتراك مع سليم أبو ظاهر في ورشة حول ترميم الوثائق المتضرّرة (21، 24، 28، 30 أيلول). تضيء هذه الورشة التي ستقام تباعاً في المتحف وعلى تطبيق زوم على كيفية وصل الدلائل التاريخية والبحث عمّا هو مفقود فيها ضمن المقاربات التاريخية التي يتبعها الأكاديميون والفنانون والعاملون في مجال الثقافة. إذ ستركّز على الوثائق الأرشيفية المتضررة وعلى كيفية ترميمها والحفاظ عليها في المجموعات المؤسساتية أو الفردية الخاصّة. يدعو المتحف أيضاً إلى استكشاف تاريخ المطبعة التجارية في القدس بالتزامن مع مرور قرن كامل على تأسيسها. اللقاء الذي يحمل عنوان «استكشاف المجموعات الفنية عن قرب – 100 عام على المطبعة التجارية» سيقدّمه توفيق حبش، كما سيُعرض على وسائل التواصل الخاصة بالمتحف (27 أيلول). سيستعرض حبش التحوّلات التي واكبتها المطبعة، والكتب الأدبية والتاريخية التي نشرتها وغيرها من المنشورات التي تحوي محطات من ذاكرة القدس. كلّها حفظتها وعاشتها المطبعة التي ستقفل أبوابها نهاية السنة الحالية بعد مئة عام مُختتمة قرناً كاملاً من تاريخ القدس.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا