فصلُ الشتاء، مطر غزيرفجأة
تُشِع الشمس دون إذن ولا دستور
سماءٌ ضاحكة
فيضحك قلب الطفل
الحنان يغمره لأنه بحاجة لحنان
أمّا دفء الشتاء غير مضمون
فجأة
الطفل الباسم يذهل لما يراه
انقلبت السماء الصافية برقاً ورعداً
في ملامح الوجه الحنون
يا إلهي… هكذا يشعر الطفل
أين الملاذ؟

كونراد وينتر ـــ "مطر" (2019)


كيف للطفل الهروب
فلا تراه يتحرك إلّا ضمن ما أقرّته قواعد اللغة الأم
داخل الإطار، لا يمين ولا يسار
الطفل لا يستطيع الاستدارة
ولا إغلاق العيون
ما العمل يا إله الحنان ونعمة المطر؟
■ ■ ■
الآن، تعرَّضَ وجه الطفل لمفاجأة
رفعت اليد إصبَعِها
كأنها تزيل الغبار عن خد الطفل
أهكذا تعتني الأمهات بصغارها؟
إزالة غبار فقط؟
لِمَ تتجول هذه الحشرة الغريبة حول نظره القصير؟
عاد الإصبع لمكانه
سكت قلب الطفل
ما أجمل الهدوء، بل ما أروع الثبات!
يا إله المتحولين، ماذا يفعل هذا الوجه الحنون!
تراه غير راضٍ، غير سعيد
ما الرضى يا رب السموات؟ سأل الطفل
وما أدراك ما يعنيه « طفلٌ يسأل»!
الطفل مجبور
الطفل محبوس
الطفل قاصر
الطفل طفل
■ ■ ■
الطفل انزوى في غرفته
اتهموه بالإنطواء
لم يدركوا أنه يختبئ
ممَّ تختبئ أيها الجبان؟
ألا تواجه؟
ألا تقاوم؟
يا لهشاشة جسدك وروحك الضئيلة!
اختبأ الطفل ليُخبئ في زاوية الغرفة
شيئاً ما
كان يربّي الشيء بكل حنان وإصرار
كأنه الأم
ربّاهُ وكبَّرهُ، علَّمهُ ودَعمَهُ
عظّم شأنَهُ واحترمَهُ
لَحِق به دوماً وعاشرَهُ
ساندَهُ حتى التعب
كان الشيء الصغير كالجنين
أصبح الشيء كبيراً كالعملاق
أتنسى أن العمالقة تكبر لالتهام الأحجام الصغيرة؟
أكل الشيء العملاق الطفل
■ ■ ■
أحياناً نربي الشيء ليهلِكَنا
كالإبن العاق
تعطيه ما تعطيه
فلا يرد لك الجميل
في قفص الاتهام
اعترف الطفل بما كان يربي
ما هو الشيء الذي أكلك؟
الطفل فتح عينيه ليتذكر
تذكّرَ الشتاء البارد
والشمس الساطعة
مجتمعين في وجهٍ واحد
ذاك التقلُّب والانقلاب
ذاك الإصبع الآمر الناهي
ووجهها الصافي المُكفَهِرّ
اعتقدَ الطفل أن الحنان حالة ثابتة
لا تكسرها العواصف
اكتشف الطفل أن الطبيعة ظالمة
مَلْأَى بالتحولات اللئيمة
■ ■ ■
تَغَيُّر الجو وجه أمه
غيومٌ كثيفة تتمزق فجأة
فيظهر البساط الأزرق
ليريح نظر المعانين من حرقة العيون
هكذا وجه أمه
يومٌ لك ويومٌ عليك
حظه السيء أراد له أن يكون:
دقيقة واحدة لك ودقيقة أخرى عليك
شمس، مطر، شمس، مطر
الحياة وضعته تحت نظام «حالة الطقس»
وهل للطقس المتبدِّل نظام؟
أسوأ الظروف حين ينام الطفل فينقبض قلبه
أتخضع دقات قلبه للنظام؟
دقةٌ لك ودقةٌ عليك
■ ■ ■
الطفل تَعرَّف على الحياة عبر وجهِها المُتحول
فغدا يُربِّي وجه أمّه في زاوية الغرفة
الوجه الأصل، الكلمة الأولى، الشيء
من قال أن البدايات حلوة؟
يا إله الحظوظ السيِّئة والمُجَلَّسَة
أَصْلِح حظي واجعلني غباراً
علّها تنفضني بعيداً
تلك اللغة الأم
لا ترحم وجه الطفل
تعبس وتبتسم
كم من نيةٍ صافية نلتقي في حياتنا
وكم من وجهٍ نتجنب

أمّا أنت ايها الطفل
فتعلَّم لغة الضاد: الحب ونقيضه
الطفل يردد نفس الاصوات : ب ع ب ع ب ع
ألا يدرك المعلمون أن بعض الأطفال يعانون من التأتأة والتلعثم؟

* مصر

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا