الآن صرت أراها عدَّة مرَّات في اليوم.اسمها زهرة. لكنَّ أغلب سكَّان العمارة التي نقيم فيها معاً يسمُّونها «مدام منصور». وآخرون يسمُّونها «الخادمة» أو «التونسيَّة»، تماماً مثلما يسمُّون مدام رودريكيس، وهي السيَّدة التي تأتي كلَّ مساءٍ لإخراج حاويات القمامة من العمارة ووضعها على الرصيف، بـ«البرتغاليَّة»، والسيِّد غونزاليس الذي يقيم وحده في شقَّة في الطابق الخامس من العمارة بـ«الإسبانيّ».
فرحت زهرة حين اكتشفت أنَّ تونسيَّاً آخر، عداها وعدا زوجها منصور وابنها الوحيد كريم، هو من بين سكَّان العمارة. كانت تتصوَّر أنَّهم كلُّهم فرنسيُّون. استغربتُ ذلك، فكلّ ما في وجهي من ملامح يدلّ على أنَّني لست فرنسيَّاً. صحيح أنَّ الفرنسيين ليسوا كلُّهم شقراً بيض البشرة زُرق العيون، بل هناك فرنسيُّون يشبهون العرب إلى حدٍّ ما. لكنّ هناك فرقاً واضحاً بيني وبين هؤلاء.
ومنذ أن عرفَت أنَّني تونسيّ، لم تعد تتحدَّث معي بالفرنسيَّة التي تعلَّمَتها من احتكاكها بالفرنسيِّين وتتكلَّمها بسهولة وتنطقها بوضوح خلافاً للكثير من المهاجرين العرب الذين هم في سنِّها، وخاصَّة النِّساء منهم. صارت تتحدَّث معي بالدارجة التونسيَّة إلّا حين نكون برفقة سكان العمارة، فهي ترى أنَّه ليس من اللائق التَّحدُّث أمام جيراننا بلغة لا يفهمونها.

غوستاف كايّبوت ــــ «الرجل في الشُّرْفة»(زيت على قماش، 1880)

والسَّبب الذي جعلني أراها عدَّة مرَّات في اليوم ليس إقامتنا في العمارة ذاتها، فهناك سكَّان لا أراهم إلا مرَّة واحدة في الشهر، وإنَّما لأنَّها صارت تعمل خادمة لدى عجوز في التِّسعين من عمرها اسمها مدام ألبير وتقع شقَّتها في الطابق الأوَّل حيث شقَّتي، بل مقابلها تماماً. والمساحة الفاصلة بين بابَيْنا لا تتعدَّى المتر الواحد، فالممرَّات في الطوابق ضيِّقة كما في أغلب عمارات باريس. ويحدث في بعض الأحيان حين نخرج أنا ومدام ألبير من شقَّتَيْنا، أو ندلف إليهما في الوقت نفسه، أن تتلامس الأكياس والسلال التي نحملها، أو حتّى أطراف ثيابنا. تقيم مدام ألبير بمفردها في الشقَّة. لا أخوة لها ولا أخوات، فهي وحيدة والدَيْها. ولا أحد يزورها إلَّا صديقة لها في سنِّها.
روَت لي زهرة فيما بعد أنّ لها علاقة قرابة غامضة بسيِّدة تقيم في بروكسل وتخابرها مرَّتين في السَّنة. مرَّة لتهنئتها بعيد ميلادها، ومرَّة لتهنئتها برأس السنة. ويُشاع أنَّ مدام ألبير كانت تحبّ الرجال وأنَّها عشقت الكثير منهم، لكنَّها لم تتزوَّج قطّ. وهي لا تنزعج من أن يناديها الناس بـ«مدموازيل» ألبير بدلاً من «مدام» ألبير. لكن لا أحد من سكَّان العمارة يجرؤ على ذلك احتراماً لها. ثمّ إنَّ إطلاق صفة الآنسة على عجوز في التِّسعين يبدو أمراً غريباً.
كانت في حاجة إلى امرأة تخدمها. تنظِّف البيت. تطبخ لها الطعام. تحمِّمها. تُقلِّم أظافرها. تساعدها على ارتداء ثيابها وترافقها في جولتها في الحيّ، والتي تحرص على القيام بها مرَّتيْن في اليوم. ولم تجد من هو أفضل من زهرة المهذَّبة اللطيفة. والأهمّ من كلّ هذا أنّها تقيم في العمارة نفسها، ممَّا يجعلها على استعداد دائم لخدمتها في كلّ الأوقات حتّى في الَّليل.
أمَّا زهرة، فهي مضطرَّة إلى العمل في البيوت، فمنصور الذي يكبرها بعدَّة أعوام متقاعد، وكريم يعاني من إعاقة جسديَّة وهو عاطل عن العمل. وتدفع مدام ألبير لزهرة مقابل هذه الخدمات أجراً مرتفعاً، كما تمنحها في المناسبات الدِّينيَّة كعيد رأس السنة وعيدَي الفطر والأضحى مبالغ إضافيَّة، فمدام ألبير كريمة، وغنيَّة على ما يبدو. يُقال إنَّ لها عدا الشقَّة التي تقيم فيها شققاً عديدة أخرى للإيجار في باريس.
كنت قد رأيت زهرة منذ الأيَّام الأولى التي سكنت فيها العمارة. كنت ألتقي بها بين الحين والآخر في المدخل أو المصعد أو الدرج، أو أمام صناديق البريد، أو في الفناء حيث حاويات القمامة. ظننت آنذاك أنَّها تقوم بخدمات في بعض البيوت، وهذا ما يبرِّر وجودها في العمارة، فهناك عربيَّات كثيرات يشتغلن لدى الفرنسيِّين. كانت تُحيِّيني دائماً. أعتقد أنَّها تفعل هذا مع كلّ سكَّان العمارة. وأحياناً كانت تسألني عن السَّاعة، أو تُبدي ملاحظة عن الطقس المتقلِّب، أو عن حاويات القمامة، أو عن ساعي البريد.
كنت أرى أيضاً كلّاً من منصور وكريم، لكن بدرجة أقلّ بكثير ممَّا كنت أراها هي. وكنت أجهل أنَّهما زوجها وابنها. كنتُ أظنّ أنَّهما يأتيان لعيادة الطبيب التي توجد في الطابق الثاني، فهناك غرباء كثيرون يتردَّدون إلى العيادة. لم يخطر ببالي إطلاقاً أنَّها تنتمي مع هَذيْن الرجلَيْن اللذين لم أكلمهما أبداً إلى عائلة واحدة، وأنَّ هذه العائلة تُقيم في إحدى الشقق في عمارتنا.
وأوَّل سؤال تبادر إلى ذهني هو كيف يمكن لخادمة تعمل في البيوت، زوجها متقاعد وابنها عاطل عن العمل، أن تُقيم في شقَّة في عمارة من الطراز المعماريّ الهوسمانيّ الراقي، في حيّ لا يعدّ من أحياء باريس الفقيرة؟ ظننتُ في البداية أنَّها تقيم في شقَّة صغيرة ضيِّقة، أو في واحدة من هذه الغرف التي توجد في الطابق الأخير والتي تُسمَّى غرف الخادمات، لأنَّ الخادمات اللَّاتي كنّ يشتغلن في العمارة فيما مضى كنَّ يسكنَّ في هذه الغرف. ولكنَّني اكتشفت أنَّ شقَّتها لا توجد في الطابق الأخير، بل في الطابق الخامس، وأنَّها لا تختلف عن شقَّتي؛ إذ إنّ كلَّ الشقق في العمارة، حتّى تلك التي توجد في الطابق الخامس، لها التَّصميم نفسه والمساحة نفسها. وما زاد في حيرتي أنَّ الشِّقَّة ليست مستأجرة، بل هي ملك لزهرة وزوجها.
كنَّا أنا وزوجتي الفرنسيَّة بريجيت في وضع ماديّ جيِّد، بل يمكن أن نعتبره مُمتازاً. أنا أستاذ رياضيَّات، وأعمل منذ إكمال دراستي الجامعيَّة التي هاجرتُ من أجلها إلى فرنسا في جامعة حكوميَّة فرنسيَّة، ممَّا يضمن لي راتباً محترماً ويجعلني في مأمن من شبح البطالة الذي صار يهدِّد الكثيرين في الأعوام الأخيرة. في حين تشتغلُ بريجيت منذ فترة طويلة موظَّفة في فرع باريسيّ لبنك إسبانيّ كبير. لأنَّها تُتقن اللُّغة الإسبانيَّة التي درستها في الجامعة. عائلتنا صغيرة، فليس لنا سوى ابننا سامي. وقد ترك البيت واستقلّ بحياته منذ أن تخرَّج من الجامعة، وعثر على عمل في إحدى الشركات الكبرى. كنَّا نتحكَّم في المصاريف ولنا مدّخرات. ومع ذلك، عندما قرَّرنا اقتناء شقَّة في هذه العمارة، اضطررنا إلى اللُّجوء إلى البنوك للحصول على قرض. ونحن ندفع الآن لتسديده كلّ شهر أقساطاً تُعادل ربع مجموع راتبيْنا، فكيف استطاعت زهرة وزوجها شراء شقَّتهما؟
ثمَّة شيء آخر استغربته؛ وهو أنَّ العرب، مثل زهرة وزوجها اللَّذيْن ينتميان إلى وسط اجتماعيّ متواضع ولهما ثقافة محدودة، لا يختارون عادة الإقامة في شقق تقع في باريس وأغلب سكَّانها فرنسيُّون، حتّى لو كانت لهم إمكانيَّات مادِّيَّة كبيرة. إنَّهم يُؤثرون الإقامة في بلدات الضواحي ومدنها حيث يتواجد العرب بكثرة، ممَّا يخفِّف من إحساسهم بالغربة والعنصريَّة، وحيث تتكاثر محلات اللحم الحلال والموادّ الغذائيَّة والخضار والفاكهة التي يُفضِّلونها، وحيث الأسعار أقلّ ارتفاعاً ممَّا هي في باريس.
كنت أتساءل باستمرار أيضاً عن السَّبب الذي يجعلهم يصرُّون على البقاء في فرنسا بعد توقُّف منصور عن العمل. أغلب التونسيِّين المهاجرين يغادرون فرنسا فور إحالتهم إلى المعاش ويعودون إلى تونس، حيث يشيِّدون فيلّات ويفتحون متاجر ويشترون مزارع. هناك يقضون الأعوام المتبقيَّة من أعمارهم في عزٍّ يُنسيهم كلّ ما عانوه أثناء غربتهم الطويلة. وهناك يُتوفَّون بين أهلهم، ويدفنون في تراب القرى والمدن التي وُلِدوا فيها.
لماذا تهتمّ بهذا الأمر.. إنَّه لا يعنيك؟ تقول لي زوجتي بريجيت بقليل من العتاب عندما أحدِّثها عن ذلك، وهذا ما يحدث بين الحين والآخر آملاً العثور على إجابة مقنعة عن أسئلتي. الحقيقة أنَّ بريجيت ليست فضوليَّة مثلي. فهي نادراً ما تهتمّ بما يحدث في العمارة، ولا تتحدَّث عن سكَّانها إلا حين تتضايق كثيراً من أمرٍ ما، على غرار نُباح كلب السيِّدة التي تقيم في الطابق الثاني برفقة أمّها العجوز، والتي يُشاع عنها أنَّها هي أيضاً لم تتزوَّج قطّ وأنَّها لا تزال آنسة مثل مدام ألبير.
أعترف أنَّني، منذ أن بدأتُ أهتمّ بزهرة وعائلتها، أستسلم في بعض الأحيان لخيالي، فأذهب بعيداً في تصوُّر قصص غريبة ومثيرة عنها وعن زوجها تشبع فضولي. بيد أنَّ المعلومات التي تمكَّنتُ من جمعها بصعوبة فيما بعد وضعتْ حدَّاً لكلّ هذا. هاجرَ منصور في فترة كانت فيها فرنسا وأوروبا كلُّها مفتوحة للأجانب. لم تكن هناك بطالة في هذه البلدان في ذلك الوقت. وكان كل المهاجرين يعثرون بسهولة على عمل. ولم تكن العنصرية منتشرة كما هي الآن. اشتغلَ لبضعة أعوام في قطاع البناء، ثمّ حالفه الحظّ، فانتُدِب للعمل في مصانع سيَّارات رينو الشهيرة. وظلّ يشتغل هناك حتّى أحيل إلى المعاش.
يُشاع أنَّه كان سكِّيراً وعنيفاً، وأنَّه كان يخالط القوَّادين وبائعي المخدّرات. وبعد تعرُّفه إلى زهرة وزواجه منها، تغيَّر كثيراً. استطاع بعد عدَّة أعوام، توفير مبلغ ماليّ مهمّ. وتمكَّن بعد الحصول على قرض صغير، وبمساعدة مصانع رينو، من شراء الشقَّة. حدث هذا قبل أكثر من ثلاثين عاماً، في فترة كان فيها الحيّ فقيراً وسوق العقار كاسدة. وكانت العمارة ذاتها آنذاك مهملة. وقد تمَّ ترميمها فيما بعد، فصارت على ما هي عليه الآن. هذا كلّ ما في الأمر.
أمَّا لماذا لم يعودوا إلى تونس بعد تقاعد منصور، فهذا يعود أساساً إلى إعاقة الابن، والتي تستوجب علاجاً مستمرَّاً يتلقَّاه في أكبر المستشفيات الفرنسيَّة مجَّاناً. ولأنَّه مُعاق وعاطل عن العمل، فإنَّ صناديق الرعاية الاجتماعيَّة تمنحه تعويضات ومعونات. كما تحصل أمُّه زهرة أيضاً على إعانة بطالة. وبالطبع، حين يعودون إلى تونس، سيحرمون من كلّ هذا.
منذ أن علِمَت زهرة أنَّني تونسيّ، صار منصور يلقي عليَّ التحيّة كلَّما التقينا في مدخل العمارة. وأمَّا قبل ذلك، فكان يكتفي بالنَّظر إليَّ من دون أن يقول شيئاً. في بعض الأحيان، يهزّ رأسه هزَّة خفيفة جدَّاً بالكاد أنتبه إليها. تظلّ تلك الحركة غامضة بالنسبة إليَّ. كنت لا أدري إن كان يودّ بذلك تحيَّتي، أو أنَّ رؤيته لي قد باغتته. في الواقع، كنت نادراً ما ألتقيه، فهو قليل الخروج. وإن خرج ففي أوقات مختلفة عموماً عن أوقات خروجي.
وبقدر ما كانت زهرة تهتمّ بمظهرها الخارجيّ، كان منصور مهملاً. كان يرتدي دائماً ثياباً قديمة وتبدو فضفاضة بالنِّسبة إلى جسده النحيل. في أغلب الأحيان، كانت ذقنه غير حليقة وما تبقَّى من شعره غير ممشوط. بيد أنَّ ما كان يشدّ انتباهي هو أنَّه لا ينتعل أحياناً حذاء، وإنَّما مشايَّة أو خفَّاً من النوع الذي يُستعمل داخل المنزل. وحين يكون الطقس بارداً، لا يرتدي جوارِبَ.
كان الكثير من سكَّان العمارة ينظرون إليه بشيء من الاستغراب؛ إذ لا يجوز مغادرة الشقَّة في مثل تلك الحال من الإهمال حتّى لو بقي داخل العمارة. وبريجيت ذاتها بدأت هي الأخرى تتحدَّث بين الحين والآخر عن حالة «مسيو منصور» كما تسمِّيه؛ إذ إنَّ الفرنسيِّين حريصون على ذكر كلمة «مسيو» حين يتحدَّثون عن شخص لا يعرفونه جيِّداً، حتّى لو كان هذا الشخص متشرِّداً أو لصَّاً أو مجرماً، وهذا ما أستغربه كثيراً ولم أتعوَّد عليه إلى حدّ الآن.
ولأنَّه تونسيّ مثلي، فقد كانت تطرح عليَّ أحياناً أسئلة أطرحها أنا بدوري ولا أمتلك أيَّ إجابة عنها. ألم ينتبه إلى أنَّ سكَّان العمارة ينظرون إليه باستغراب؟ لماذا لا يمشِّط شعره؟ ألا يشعر بالبرد عندما يخرج في الشتاء من دون جوارب وبخفّ من هذا النوع؟ والسُّؤال الذي كان يحيِّرها أكثر من غيره، هو كيف تسمح له زهرة بالخروج وهو على هذه الحال من الإهمال؟
يُشبهُ كريم أمّه. خَلقةً وسلوكاً. يعتني بمظهره الخارجيّ. ملابسه نظيفة دائماً. وينتعل في بعض الأحيان أحذية ملمَّعة، ويرتدي ثياباً تبدو كلاسيكيَّة بالنِّسبة إلى شابّ في عمره الذي قدَّرتُ أنَّه يفوق الخامسة والعشرين بقليل. لا شيء في الظاهر يربطه بأبيه، حتى إنني تساءلت في فترة ما عمَّا إذا كان منصور أباه حقَّاً، وعمَّا إذا كانت زهرة قد أنجبته من رجل آخر في زواج سابق.
هو أيضاً تغيَّر منذ أن اكتشفت أمّه أنَّني تونسيّ. صار يحيِّيني بحرارة لا تتمثَّل في ابتسامته التي ازدادت اتساعاً فحسب، وإنَّما أيضاً في إصراره على مصافحتي. كان يعرج عرجاً خفيفاً بسبب إعاقته. حالما يراني، يتقدَّم صوبي بسرعة حتّى أنَّني كنت أخشى أن يفقد توازنه فيقع على الأرض. وكي أسهِّل عليه المهمَّة، صرت أنا أيضاً أتقدَّم صوبه. بعد مصافحتي، يصمت. كان يتحاشى النظر إلى وجهي، بل يبدو لي خجولاً، ممَّا يوقعني أحياناً في حالة من الحرج. ومن حسن الحظّ أنَّ اللقاء لا يدوم سوى بضع ثوان. كنت أستغرب هذا التصرُّف في بادئ الأمر، فكريم يبدو من بعيد طبيعيَّاً تقريباً مثل أيّ شابّ في عمره. ولفترة قصيرة، تساءلتُ عمَّا إذا كان يعاني من إعاقة ذهنيَّة خفيفة إلى جانب إعاقته الجسديَّة.

(*) الفصل الأوَّل من رواية تحمل العنوان نفسه، صدرت حديثاً عن «دار الآداب»/ بيروت للحبيب السالمي، وهو روائيّ تونسيّ من مدينة القيروان ومقيم في باريس، له: عشّاق بيّة (2002)، أسرار عبد الله (2005)، روائح ماري كلير (2008)، نساء البساتين (2010)، عواطف وزوّارها (2013)، وبكارة (2016)، وجميعها صادرة عن «دار الآداب» في بيروت.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا